روى أبو هريرة صلى الله عليه و سلم أنه قال: و استوصوا بالنساء خيرا فإنهن خلقن من ضلع أعوج، و إن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، و إن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء خيرا. و في بيان هذا الشبه الوارد في الحديث فيه إشارة إلى أنها خلقت من أعوج أجزاء الضلع، مبالغة في إثبات هذه الصفة لهن، و يحتمل أن يكون ضرب ذلك مثلا لأعلى المرأة، لأن أعلاها رأسها، و فيه لسانها الذي منه الأذى.
و ولي المرأة و خاصة زوجها، إن أراد أن يقوم هذا الإعوجاج فيها كسرها، و إن تركها بقيت على إعوجاجها، و الوسطية في هذا الأمر هي الأفضل، حيث تعامل المرأة بالرفق و اللين، و إستمالة قلبها و ملاطفتها حتى يخف هذا العوج و يصلح أمرها، لذلك أمر الشرع بحسن معاشرة المرأة ليسود الأسرة جو المحبة و الوئام، و عدم مطالبة المرأة بالمثالية الكاملة لأن هذه المطالبة تجعل الأسرة في نكد و خلاف و تخاصم و فرقة، و الحديث كأن فيه رمز إلى التقويم برفق بحيث لا يبالغ فيه و لا يتركه فيستمر على عوجه، فلا يتركها على الإعوجاج إذا تعدت ما طبعت عليه من النقص إلى تعاطي المعصية بمباشرتها أو ترك الواجب، و إنما المراد أن يتركها على إعوجاجها في الأمور المباحة، و في الحديث الندب إلى المداراة لإستمالة النفوس و تألف القلوب، و فيه سياسة النساء بأخذ العفو منهن و الصبر على عوجهن، و أن من رام تقويمهن فاته الإنتفاع بهن مع أنه لا غنى للإنسان عن إمرأة يسكن إليها و يستعين بها على معاشه، فكأنه قال: الإستمتاع بها لا يتم إلا بالصبر عليها.