فضائل صيام الست من شوال
الستة أيام البيض: فرصة لا تفوت
يُعد المسلمون من أكثر الفئات حرصًا على الطاعات والعبادات، فالتزكية الذاتية هي إحدى أهم الغايات التي يسعى لتحقيقها كل مؤمن. وقد وُجدت العبادات كوسيلة لتحقيق هذه التزكية، حيث كلما زاد نصيب العبد من الطاعات، زادت قربته من ربه، بينما يؤدي التفريط في هذه الطاعات إلى البعد عن الزكاة والتقرب لله. إن أهل الطاعات يتميزون برقة قلوبهم وصلاحهم، بينما يتميز أهل المعاصي بقسوة قلوبهم وفسادهم.
القضاء مدبلج 3 الحلقة 76
أهمية الصوم في حياة المسلم
يعتبر الصوم من العبادات العظيمة التي تطهر القلوب وتُشفيها من الأمراض الروحية. لذلك، يُعتبر شهر رمضان فرصة للمراجعة الروحية والتطهر الذاتي. فعند انتهاء الشهر الفضيل، يخرج الصائم بقلب جديد وحالة معنوية أفضل. ومن هنا جاءت أهمية صيام الستة أيام من شوال، وهي فرصة عظيمة لمواصلة الطاعة بعد رمضان.
فضل صيام الست من شوال
قد أرشد النبي محمد صلى الله عليه وسلم أمته إلى فضل صيام هذه الأيام، حيث قال: "من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر" [رواه مسلم]. ويشير الإمام النووي إلى أن هذا الفضل يعود إلى أن الحسنة بعشر أمثالها، حيث يُعتبر رمضان بمثابة عشرة أشهر، والستة أيام بشهرين، مما يجعل أجر صيامها كصيام الدهر.
الدلالة على شكر النعمة
إن صيام الستة أيام البيض بعد رمضان هو تعبير عن شكر الصائم لرَبِّه على توفيقه لصيام الشهر الكريم، كما أنه علامة على حبه للطاعات ورغبته في الاستمرار في طريق الصالحات. يقول الحافظ ابن رجب: "مقابلة نعمة التوفيق لصيام رمضان بارتكاب المعاصي بعده، هو من فعل من بدل نعمة الله كفراً".
استمرارية الطاعات
على المسلم أن يدرك أن الطاعات ليست محصورة في موسم معين، بل يجب على المؤمن أن يكون مستمرًا في العبادة طوال حياته. فقد قال بشر الحافي: "بئس القوم قوم لا يعرفون لله حقاً إلا في شهر رمضان". إن استمرار الصيام بعد رمضان يجلب العديد من الفوائد، حيث تعود البركة على من يصوم هذه الأيام.
الفوائد العديدة للصيام
إليك بعض الفوائد التي يُشير إليها الحافظ ابن رجب حول صيام الستة أيام من شوال:
- استكمال أجر صيام الدهر.
- تُعتبر كصلاة السنن التي تكمّل الفرائض.
- علامة على قبول صيام رمضان، حيث إن الله تعالى إذا تقبل عمل عبد، وفقه لعمل صالح بعده.
- تعتبر شكراً لله على نعمة مغفرة الذنوب.
أهمية الشكر والاعتراف بالفضل
يحث الله عباده على شكر نعمة صيام رمضان بإظهار ذكره، كما جاء في قوله: "وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ" [البقرة:185]. لذا، يُعتبر صيام الست من شوال شكراً لله على نعمة مغفرة الذنوب.
فتاوى حول صيام الست من شوال
تجدر الإشارة إلى بعض الفتاوى المتعلقة بصيام الست من شوال:
- سُئل الشيخ عبد العزيز بن باز عن جواز صيام الست قبل قضاء ما علينا من رمضان، فأجاب بأن المشروع هو تقديم القضاء على صيام الست.
- سُئلت اللجنة الدائمة للإفتاء عن ضرورة صيام الأيام الستة بعد عيد الفطر مباشرة، وأوضحت أنه يمكن صيامها في أي وقت خلال شهر شوال.
- إذا لم يستطع المسلم إكمال صيام الست من شوال بسبب ظروف، فلا إثم عليه، ويحصل على أجر ما صام منه.
ختامًا
إن صيام الست من شوال هو فرصة عظيمة للمسلم ليتقرب من الله تعالى، ويجدر بالمؤمن أن يستغل هذه الأيام في الأعمال الصالحة. فكما ذكر الحافظ ابن رجب، فإن هذه الفوائد تجنيها النفس من خلال مواصلة الطاعات، لذا يجب على المسلمين أن يكونوا حريصين على ما ينفعهم في دينهم ودنياهم.
