-

توتر العلاقات الجزائرية الفرنسية في أزمات متعددة

توتر العلاقات الجزائرية الفرنسية في أزمات متعددة
(اخر تعديل 2025-03-02 18:57:40 )

تشهد العلاقات بين الجزائر وفرنسا في الآونة الأخيرة حالة من التوتر غير المسبوق، حيث تتصاعد الخلافات بين الجانبين حول ثلاث قضايا رئيسية تثير القلق. هذه القضايا وضعت الجزائر وباريس في مواجهة مباشرة، حيث يتبادل الطرفان التصريحات الحادة في ظل مخاوف من أن العلاقات قد تدخل نفقًا دبلوماسيًا أكثر تعقيدًا.

ملف الصحراء الغربية

في خطوة أثارت غضب الجزائر، أعلنت الحكومة الفرنسية دعمها لسيادة المغرب المزعومة على الصحراء الغربية، متجاهلة تمامًا موقف الجزائر الداعم للجمهورية الصحراوية. هذه الخطوة لم تمر دون رد، حيث اعتبرت الجزائر الموقف الفرنسي "انحيازًا غير مقبول" يمكن أن يعيد ترتيب العلاقات بين البلدين، خاصة على الصعيدين الاقتصادي والاستراتيجي.

ترى باريس أن دعمها للمغرب يأتي في إطار رؤية أوسع لتعزيز الاستقرار في المنطقة، لكن الجزائر، التي تعتبر القضية جزءًا أساسيًا من سياستها الإقليمية، ترى في هذا الموقف ضربة للعلاقات الثنائية. وقد أضفى هذا الموقف الفرنسي مزيدًا من التوتر على العلاقات، حيث تعتبر الجزائر أن فرنسا تلعب بورقة حساسة قد تؤثر على مصالحها في المنطقة.

ملف بوعلام صنصال

وسط هذا التصعيد، جاءت قضية الكاتب الجزائري-الفرنسي بوعلام صنصال لتزيد من تعقيد المشهد. فقد أوقفت السلطات الجزائرية صنصال في 16 نوفمبر الماضي، ووجهت له تهمًا بموجب المادة 87 من قانون العقوبات. صنصال، الذي تم نقله من سجن القليعة بولاية تيبازة إلى قسم المحبوسين بمستشفى مصطفى باشا، يواجه تهم "المساس بالسلامة الترابية والوحدة الوطنية".

أعربت باريس عن قلقها بشأن ظروف احتجاز صنصال، حيث وصف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الوضع بأنه "غير مقبول"، معتبرًا أن ذلك لا يساعد على تحسين العلاقات بين البلدين. في حين، أعلن وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو عن فرض قيود على دخول مسؤولين جزائريين إلى فرنسا، في خطوة اعتبرها مراقبون تصعيدًا دبلوماسيًا غير مسبوق.

على الجانب الآخر، أكدت الجزائر أن صنصال يواجه "إجراءات قانونية" تتعلق بتصريحات اعتبرت تمس بأمن الدولة، بعد أن أطلق الكاتب تصريحات عبر قنوات فرنسية زعم فيها أن بعض المناطق الغربية من الجزائر تعود في الواقع للمغرب.

اتفاقية الهجرة 1968

الملف الثالث الذي زاد من تعقيد الأمور هو إعلان فرنسا نيتها مراجعة اتفاقية الهجرة الموقعة عام 1968، التي تمنح الجزائريين امتيازات خاصة في الإقامة والعمل بفرنسا. جاء هذا الإعلان بعد حادثة طعن في مدينة مولوز، نفذها مهاجر جزائري خضع لأوامر ترحيل متكررة، لكنها لم تُنفذ بسبب رفض الجزائر استقباله، وفقًا لما أعلنته السلطات الفرنسية.

أطلق رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا بايرو تصريحات استفزازية، حيث هدد الجزائر بمهلة من شهر إلى ستة أسابيع لمراجعة جميع الاتفاقيات الثنائية المتعلقة بالهجرة، ملوحًا بإلغائها بالكامل إذا لم يتم التوصل إلى تفاهم جديد. كان رد الجزائر حازمًا، حيث وصفت خطاب الإنذارات والمهل بأنه "غير مقبول"، محذرة من أن أي مساس بالاتفاقية قد يقابل بخطوات مماثلة تشمل إعادة النظر في بروتوكولات التعاون الأخرى بين البلدين.

كما انتقدت الجزائر بشدة ما وصفته بـ "اللجوء المفرط إلى قرارات الترحيل التعسفية"، معتبرة أن هذه السياسة تصب في مصلحة اليمين المتطرف الفرنسي الذي يسعى إلى جعل العلاقات بين البلدين رهينة لمصالحه السياسية.

إلى أين تتجه العلاقات الجزائرية الفرنسية؟

إن هذه الملفات الثلاثة جعلت العلاقات الجزائرية الفرنسية تتجه نحو مزيد من التعقيد، حيث تقف على صفيح ساخن في ظل التصعيد الدبلوماسي المستمر. يتساءل المراقبون: إلى أين ستصل هذه العلاقات في المستقبل؟
تحت سابع أرض الحلقة 4