أبرز التحديات الداخلية والخارجية للرئيس
مع اقتراب موعد انتهاء الحمة الانتخابية لرئاسيات 7 سبتمبر، بدأ الحديث عن تحديات الرئيس المقبل سواء في الداخل أو على المستوى الدولي، وبالرغم من النتائج الإيجابية التي تحققت منذ حراك فيفري 2019، إلا أنه لا تزال عدة ملفات مغلقة ومجالات تنتظر الحلول، وهو ما أشار إليه المترشحون الثلاثة من خلال برامجهم الانتخابية وتجمعاتهم ولقاءاتهم مع الشعب.
صلاح الدين الأيوبي الحلقة 29
وبالعودة إلى الوضع الداخلي للجزائر وكذا الإقليمي والدولي قبل 5 سنوات، فإنه يمكن التأكيد على أن الأمور ازدادت عسرا محليا وتأزما إقليميا وتوترا دوليا، بالرغم من المكتسبات المحققة من ناحية التنمية وخدمة المواطنين وإنجاز المشاريع الكبرى وإطلاق أخرى، ذلك على مستوى الداخل.
أما إقليميا فالتقارب مع الدول الإفريقية الذي عاد بقوة بعد غياب لعقود، والاستثمار الاقتصادي والتجاري في القارة السمراء، يمكن إدراجه في قائمة النجاحات، بالإضافة إلى المساهمة في إيجاد حلول لعدة أزمات مثل السودان والصومال والصحراء الغربية وليبيا، وذلك على مستوى الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة، حيث دافعت الجزائر ولا تزال على المصالح الإفريقية، مثل التمسك بضرورة منح الأفارقة مقعد دائم في مجلس الأمن.
وفيما تعلق بالوضع الدولي، فالجزائر تمكنت من فرض حضورها في القضية الفلسطينية بقوة، كما عملت على تزويد القارة العجوز بالطاقة بشكل لافت منعا لحدوث أزمة داخل الاتحاد الأوروبي الذي يواجه روسيا في حربها مع أوكرانيا، ومساعدة عدة أطراف صديقة وشقيقة مثل ما حدث مؤخرا مع لبنان الذي تم تزويده بمادة الفيول لإعادة تشغيل محطاته الكهربائية التي توقفت ودخلت البلاد في ظلام دامس دون أن يتقدم أحد بمساعد هذا البلد العربي، إلى جانب عدة نقاط تستدعي التوقف.
داخليا
وفي خضم ما سبق، فإن رئيس ما بعد 7 سبتمبر المقبل، تنتظره تحديات متعددة على الصعيدين الداخلي والخارجي يقول الحقوقي أدم مقراني، في تصريح لـ”أوراس”، مضيفا أنه داخليا ستظل الجوانب الاقتصادية في صلب التحديات التي يتعين عليه مواجهتها، بسبب أن الجزائر تعتمد بشكل كبير على صادرات النفط والغاز كمصدر رئيسي للدخل المحلي، وهو ما يجعل تقلبات أسعار النفط تؤثر بشكل كبير على البلاد، ما يستدعي مضاعفة العمل على تنويع الاقتصاد من خلال تطوير مختلف القطاعات، مع تقليل الاعتماد على عائدات النفط، بالإضافة إلى توفير فرص عمل جديدة.
وأوضح مقراني، أن من بين التحديات الداخلية تعزيز المشاركة السياسية للشباب وإشراكهم بشكل أكبر في عملية الحوكمة، وهو أمرا ضروريا لتحقيق استمرارية في الإصلاحات السياسية التي بدأتها الحكومات السابقة، كما يتعين على الرئيس الجديد أن يواصل هذه الإصلاحات بشكل أكثر فعالية، مع التركيز على إدماج مختلف شرائح المجتمع في صنع القرار، بشكل سيعزز الاستقرار السياسي والاجتماعي، وكذا تحسين التكامل الإقليمي من حيث توفير وتحسين الخدمات والنمو الاقتصادي المتوازن عبر جميع مناطق البلاد، وهو ما سيكون عاملا مهما في تعزيز اللحمة الوطنية وتعزيز الثقة بين المواطنين والدولة.
من جانبه، أوضح أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية عبد القادر عبد العالي، في حديث لـ”أوراس“، أن هناك مجموعة من التحديات تنتظر الرئيس المقبل، لاسيما في الداخل، وقال إن هناك ملفات تنتظر الحسم والمعالجة مثل السكن، وندرة المياه وتدهور القطاع الصناعي وفشل السياسة الاقتصادية، وتزايد نسبة البطالة، مشيرا إلى ضرورة إعادة النظر في النظام الاقتصادي القائم على الريع والاحتكار التجاري والتمويلي.
أما الإعلامي حكيم مسعودي قال في تصريح لـ”أوراس”، إن أهم تحدي يواجه الرئيس المقبل هو تحقيق دولة القانون وترميم الجبهة الداخلية وإعادة ثقة الجزائري في دولته والمؤسسات، وهو ما يتطلب التعاطي بأكثر جدية ومسؤولية مع طموح الشعب في دولة الحريات والقانون التي ينشدها وينخرط فيها.
وأوضح مسعودي إلى أن الرئيس مدعو إلى الخروج من الاقتصاد شبه الأحادي، ورفع الناتج المحلي الخام خارج المحروقات، وتعزيز مكانة الاقتصاد لدى الشركاء مع الدفع بالمؤسسات الاقتصادية عمومية وخاصة إلى ولوج الأسواق المهملة، وقبل ذلك كله تعزيز الشفافية أكثر والقضاء على الاقتصاد الموازي.
خارجيا
على الصعيد الخارجي، تواجه الجزائر تحديات كبيرة في ظل البيئة الجيوسياسية المتقلبة، وفق آدم مقراني الذي أشار إلى أن منطقة الساحل تعاني اضطرابات أمنية وسياسية، بما يشكل تهديدا مستمرا للأمن القومي الجزائري، بالإضافة إلى العلاقات “المتقلبة” مع دول الجوار مثل ليبيا ومالي، وأخرى متوترة مع بعض الدول الأوروبية مثل فرنسا وإسبانيا، كلها ملفات تتطلب تطوير نهج أكثر براغماتية وواقعية، وتحديث الرؤية الاستراتيجية على المستوى الإقليمي والدولي، مع الحفاظ على المواقف الثابت.
وفي السياق ذاته، ينتظر عبد القادر عبد العالي أن تلعب الجزائر دورا حاسما في هذه الملفات، بالإضافة إلى إدارة التصعيد مع المغرب في عدة نقاط منها الصحراء الغربية، ودعم الفلسطينيين ومتابعة ملف تجريم الاحتلال الإسرائيلي على مستوى مجلس الأمن، وملفات أخرى تتعلق ببعث الدبلوماسية الجزائرية لنشاطها من أجل إعادة التوازن في العلاقات الثنائية على مستوى العالم العربي أوروبا وإفريقيا.
ومن جهة أخرى، أكد الحقوقي آدم مقراني على ضرورة أن توازن الجزائر بين تحالفاتها التقليدية وحاجتها إلى تنويع شركائها الدوليين، خاصة في ظل التحولات السياسية والاقتصادية العالمية، وهذا يتطلب تعزيز العلاقات مع القوى الكبرى مثل الصين وروسيا، وفي الوقت نفسه تمتينها مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
أما الإعلامي مسعودي، يؤكد على أهمية احرص الرئيس المقبل على تعزيز اليقظة الأمنية والدبلوماسية، والتكيف مع التغيرات المتسارعة لا سيما بدول الجوار والتعاطي معها بانخراط أكبر.