قانون تجريم الاستعمار في الجزائر

في خضم أزمة سياسية ودبلوماسية متصاعدة بين الجزائر وفرنسا، يخطو البرلمان الجزائري خطوات جادة نحو تأصيل مبدأ تجريم الاستعمار من خلال صياغة قانون يهدف إلى معالجة ماضي مرير عانت منه البلاد لعقود طويلة. هذه الخطوة تأتي بعد فترة طويلة من الجمود السياسي، حيث عانت قضية الاستعمار من التهميش بسبب التعقيدات السياسية.
ومع الحصول على موافقة رسمية من أعلى الجهات في البلاد، من المقرر أن يتم الإعلان عن تشكيل اللجنة النيابية المعنية بصياغة هذا القانون يوم الأحد المقبل. وقد تم الكشف عن هذه المعلومات من خلال مقال نشره موقع “العربي الجديد”.
اجتماع حاسم لتشكيل اللجنة
هذا القرار يأتي بعد اجتماع مثمر عُقد الأسبوع الماضي بين رئيس البرلمان إبراهيم بوغالي ورؤساء الكتل النيابية الخمس الممثلة للأحزاب السياسية، والتي تشمل:
- جبهة التحرير الوطني
- حركة مجتمع السلم
- جبهة المستقبل
- التجمع الوطني الديمقراطي
- حركة البناء الوطني
- رئيس كتلة المستقلين
في هذا الاجتماع، تم الاتفاق على تشكيل لجنة تضم عضواً من كل كتلة سياسية، لتباشر العمل على إعداد مسودة قانون تجريم الاستعمار، والتي ستعرض لاحقاً على مكتب المجلس واللجنة القانونية قبل إحالتها إلى الحكومة لإبداء رأيها.
صياغة مسودة القانون
تم إبلاغ الكتل النيابية خلال الاجتماع بضرورة صياغة مسودة القانون، حيث تعكس هذه الخطوة الإرادة السياسية القوية للسلطات العليا في البلاد التي تسعى لتحقيق هذا المشروع. من المتوقع أن يحظى هذا القانون بتأييد كبير من قبل الرئيس عبد المجيد تبون، مما يعزز الآمال في أن يرى النور قريباً.
هذا القانون يمثل خطوة هامة نحو تعزيز المطالب التاريخية للجزائر فيما يتعلق بتبعات الاستعمار، حيث يسعى البرلمان إلى إصدار نص تشريعي يحمي تلك المطالب ويمنع أي تنازلات مستقبلية.
دليل الموافقة السياسية
كان إبراهيم بوغالي قد أكد في تصريحاته أن الوقت قد حان لتقديم مشروع قانون تجريم الاستعمار، مشيراً إلى أن الظروف الحالية تفرض ضرورة إقرار هذا القانون. وتعتبر هذه التصريحات دليلاً واضحاً على موافقة السلطات العليا على صياغة وإصدار هذا القانون، مما يجعل من الصراع السياسي بين الجزائر وفرنسا أكثر تعقيداً.
مضمون قانون تجريم الاستعمار
يعتبر قانون تجريم الاستعمار أول نص تشريعي يتم صياغته من قبل البرلمان منذ عقود، حيث كان من المعتاد أن تقدم الحكومة المشاريع التشريعية. هذا التوجه الجديد يعكس رغبة الجزائر في تعزيز مصداقية البرلمان ودوره التشريعي، ويعطي أهمية خاصة لمطالب الشعب الجزائري المرتبطة بمسألة الاستعمار.
بنات الباشا الحلقة 23
تجاوز المشروع كونه مجرد رد فعل سياسي تجاه فرنسا، ليعكس رغبة الجزائر الجادة في تحقيق مطالبها التاريخية المتعلقة بالاعتراف والاعتذار والتعويض عن الأضرار التي لحقت بها.
دعم إفريقي للجزائر
تندرج الخطوات التي يقوم بها البرلمان الجزائري في إطار الدعم الإفريقي الواسع لمطالب الجزائر في تجريم الاستعمار. فقد صادقت القمة الأفريقية الأخيرة على لائحة تدعو إلى تجريم الاستعمار، وشجعت الدول الإفريقية على إعداد لوائح محلية مشابهة.
علاوة على ذلك، تم تكليف الجزائر وثلاث دول أخرى لمتابعة تنفيذ المبادرة الإفريقية، للمطالبة بالتعويضات العادلة عن الظلم الذي تعرضت له الشعوب الإفريقية خلال فترة الاستعمار.