“الحبس لم يسبّ في مكان عام”.. ما هي آليات تطبيق
وافقت لجنة الشؤون القانونية والحريات بالبرلمان على إدراج مادة جديدة في مشروع قانون العقوبات تدين من يتفوه بكلمة خادشة للحياء في الأماكن العمومية بالحبس لمدة 6 أشهر وبغرامة مالية.
وصنع التعديل القانوني المرتقب ضجّة واسعة فاقت حدود الجزائر، لتنال إشادة شعبية وتثمينا كبيرين.
إلا أن تساؤلات عدة طُرحت حول إمكانية تطبيق هذه المادة، ومدى فعاليتها في محاربة ظاهرة الكلام الفاحش في الأماكن العمومية.
في هذا الصدد، أوضح المحامي بوجمعة غشيري، أن هذه المادة المستحدثة تأتي لمحاربة ظاهرة اجتماعية خطيرة جدا تتعلق بسوء سلوك الأفراد في المجال العام.
وأبرز غشيري في اتصال مع منصة أوراس أن هذه المادة بإمكانها إضفاء نوع من التهديد ضدّ من يتفوهون بالكلام الخادش للحياء.
وأوضح محدثنا أن هذه الآفة رغم ارتباطها بالتربية إلا أن القانون بإمكانه التدخل لتقييم سلوك الأفراد وهو أمر إيجابي لتحقيق الانسجام والتفاهم داخل المجتمع.
آليات تطبيق القانون
تختلف الكلمات الخادشة للحياء من منطقة إلى أخرى في ظل شساعة الجزائر وتنوع ثقافاتها، فهنالك كلمات تُعتبر “فاحشة” في مدن جزائرية، فيما تُعتبر “سوقية” أو حتى عادية في مدن أخرى.
في هذا الصدد، لفت بوجمعة غشيري، إلى أن القانون سيُطبّق حسب المحيط، والأخذ بعين الاعتبار كل منطقة في حدّ ذاتها.
وأشار إلى أن كل مواطن يعرف ما هي الكلمات الخادشة للحياء في منطقته، وبالتالي لا يستخدمها.
وأضاف: “وفي حال قدم شخص أجنبي لمنطقة معينة واستخدم كلمة خادشة بحسن نية، هذا لا يُعتبر جريمة لأنه لا يعرف ثقافة وخصوصيات المنطقة.
وعلى صعيد آخر، أبرز غشيري أن وسائط التواصل الاجتماعي تدخل ضمن الفضاء العام وتخضع كذلك لهذه المادة القانونية الجديدة.
القانون ضروري لكنه لا يكفي
يُعتبر القانون رادعا أساسيا للظواهر السلبية في أيّ مجتمع، ويساهم في تنظيم الحياة الاجتماعية بين الأفراد، إلا أنه وعبر مرّ الزمن لم ينجح في القضاء على الآفات الاجتماعية بشكل نهائي.
في هذا الشأن يقول أستاذ علم الاجتماع لخضر رابحي، إن المنظومات القانونية وإن كانت لا تكفي وحدها إلا أنها ضرورية لضبط السلوك والنظام العامين.
وأشار رابحي في اتصال مع “أوراس”، إلى أن ظاهرة السباب والشتم أصبحت ظاهرة عامة.
وأبرز المتحدث، أنه لابد من الضبط والعقوبة كونها أداة رادعة ومنظمة للمجتمع.
ويرى الأستاذ المتخصص، أن القوانين حينما تكون واضحة وفاعلة وذات امتداد زمني ولا يتدخل فيها الوسطاء، بإمكانها ضبط العديد من السلوكات الشاذة.
وأكد رابحي، أننا بالإضافة إلى القانون بحاجة إلى تحريك المجتمع عن طريق كافة منظومات التأثير على غرار المسجد بمنابره والإعلام والمدرسة بطرقها والوسائط الاجتماعية.
هل فشلت المدارس والمساجد في المهمة؟
تساهم الحملات التحسيسية والتوعوية، في ردع الآفات الاجتماعية بما في ذلك السب والشتم.
في هذا الصدد، أكد رئيس النقابة الوطنية للأئمة، جلول حجيمي في اتصال مع “أوراس”، أنه إذا كان الردع يفيد في هكذا مسائل فهذا جيد ومستحب.
وتابع: “لكن الدور التوعوي والتربوي جد هام لاسيما بالنسبة للمساجد والمدارس، بالإضافة إلى الجانب القانوني الذي يحافظ على سكينة المواطنين”.
ونفى جلول حجيمي أن تكون المدارس والمساجد قد فشلت في مهمة ردع هذه الظاهرة التي استدعت استحداث مادة قانونية ردعية، مشيرا إلى أنه “يؤخذ بالسلطان ما لا يؤخذ بالقرآن”.
وأبرز المتحدث، أن الطابع البشري يحتاج في مسائل كثيرة إلى الحزم.
وأكد حجيمي، أنه لولا المدارس والمساجد لأصبحنا مجتمعا همجا، لافتا إلى أنه رغم تفضيل التوعية إلا أن بعض الناس لا تستجيب ما يستدعي تدخل القانون.