لا يقتصر الزواج في الشريعة الإسلامية على تلبية الرغبة الجنسية فحسب، بل يتجاوز ذلك ليشمل مجموعة من الأهداف السامية التي تعود بالنفع على الأفراد والمجتمع ككل. نستعرض في هذا المقال بعضًا من المقاصد الرئيسية للزواج في الإسلام.
أرض الحب الجميل الحلقة 1
مقاصد الزواج في الإسلام
تحقيق العبودية المطلقة لله سبحانه وتعالى
لقد أمر الله عز وجل بالزواج وحث عليه، حيث إن الزواج يُعَدُّ فطرة فطر الله الناس عليها. يقول تعالى: “فطرت الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون” (سورة الروم: 30). ومن مظاهر عبادة الله تعالى إقامة حدوده، حيث تحظر الشريعة الإسلامية على المسلم أن يمتنع عن الزواج بدعوى الزهد أو الرهبانية، خاصة إذا كان قادراً على ذلك. وقد جاء في حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء”.
اتباع السنة النبوية
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟ أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني”. لذا، يعد اقتداء المسلم بسنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم واجبًا، حيث يتجلى ذلك في الزواج.
زيادة عدد المسلمين
روى معقل بن يسار رضي الله عنه أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله عن الزواج من امرأة ذات جمال وحسب لكنها لا تلد. فأجابه النبي بالنهي. وعندما أتى للمرة الثالثة، قال: “تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم”. وهذا الحديث يوضح أهمية تربية الأبناء في الأسرة المسلمة لتحقيق أهداف الإسلام وتعزيز أركان الإيمان في نفوسهم.
تحقيق السكون والطمأنينة القلبية
إن الزواج يسهم في بناء علاقة قائمة على المودة والمحبة بين الزوجين. فعندما يعود الزوج إلى منزله بعد يوم عمل شاق، يجد في أسرته السكينة التي تزيح عنه هموم اليوم. وبالمثل، تشعر المرأة بالراحة والطمأنينة حين تجتمع مع زوجها. وقد قال تعالى: “ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجًا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون”.
إشباع الغريزة الجنسية بطريقة مشروعة
يعد الزواج في الإسلام وسيلة طبيعية لإشباع الدوافع الجنسية ضمن إطار من الحب والمودة، حيث يلتقي الزوجان تحت مظلة عقد الزواج المقدس. وقد أجمعت الآراء على أن العلاقة الزوجية تعزز مشاعر الحب بين الطرفين.
حماية المجتمع من الأمراض والانحلال الأخلاقي
يساهم الزواج في الحفاظ على المجتمع من الانحلال الأخلاقي والتفكك الاجتماعي، حيث يقلل من انتشار العلاقات غير الشرعية والدعارة. على الرغم من الحرية الجنسية المتاحة، إلا أن الخيانة تظل غير مقبولة، مما يؤدي إلى تفشي الأمراض المنقولة جنسياً في المجتمعات التي تبتعد عن الزواج.
تكوين روابط اجتماعية متينة
يعتبر الزواج وسيلة لتعزيز العلاقات الاجتماعية والترابط بين الأفراد، حيث يتم من خلاله بناء الأسر وتكوين الروابط بين العائلات. ومن أهداف الرسول صلى الله عليه وسلم في الزواج هو تعزيز هذا الترابط بين الناس.
الإنجاب للحفاظ على بقاء النوع الإنساني
يعد التكاثر من الأمور الأساسية للحفاظ على النوع الإنساني، حيث يسهم إنجاب الذرية الصالحة في تعمير الأرض واستمرار الأمة. ومن أبرز فوائد إنجاب الأطفال هو الدعاء للوالدين بعد الممات.
المحافظة على الأنساب من الاختلاط
عندما يتزوج الرجل من امرأة معروفة الأنساب، يضمن أن أبنائه سيحملون نسبه. أما في حالة العلاقات غير الشرعية، فإن الأطفال قد لا يعرفون آباءهم، مما يؤدي إلى فقدان الهوية والكرامة في المجتمع.
سعة الرزق بين المتزوجين
لقد أمر الله بالزواج ورغب فيه ووعد بالغنى لمن أطاعه. وقد شهد العديد من المتزوجين أن حياتهم تحسنت بعد الزواج، حيث أغناهم الله بعد الفقر والحاجة في مكافأة لهم على عفافهم.
إرواء عاطفة الأبوة والأمومة
غرس الله في قلوب الرجال والنساء عاطفة الأبوة والأمومة، مما يدفعهم إلى السعي لإنجاب الأطفال وتربيتهم تربية صالحة. هذه العاطفة تعزز مشاعر الحب والرعاية في الأسرة.