-

الصراع الدبلوماسي بين الجزائر وتحالف الساحل

الصراع الدبلوماسي بين الجزائر وتحالف الساحل
(اخر تعديل 2025-04-08 01:57:26 )

في أعماق صحراء مشتعلة بالتوترات، تتكشف أمامنا معركة دبلوماسية تتجاوز بكثير مجرد إسقاط طائرة مسيّرة. إنها مواجهة ليست كباقي المواجهات، بل هي صراع دبلوماسي معقد وخطير بين الجزائر وتحالف دول الساحل، الذي يقوده انقلابيون. فما هي دوافع هذه الهجمات المستفزة، وما هي الأجندات الخفية التي تحرك الأزمة الحالية؟ تقرير "أوراس" يتناول في تفاصيله الخلفيات الدقيقة لهذه الأزمة، ويقدم تحليلات حصرية من خبراء السياسة والأمن.

تفاقمت التوترات بين الجزائر وتحالف دول الساحل بعد أن أسقط الجيش الجزائري طائرة مسيّرة مسلحة اخترقت أجواء البلاد، مما أدى إلى تصعيد حاد في الأزمة. ومع إعلان وزارة الدفاع عن الواقعة، حصلت ردود أفعال غاضبة، حيث اتهمت مالي الجزائر بالتجاوز، وهو ما قوبل برفض جزائري قاطع.

رد دبلوماسي حازم وتصعيد غير مسبوق

رفضت الجزائر بشدة الاتهامات المالية، ووصفت البيان المشترك لتحالف الساحل بأنه "تصعيد غير مبرر" وغير مقبول في إطار الأعراف الدبلوماسية. وفي رد فعل سريع، استدعت الجزائر سفراءها من باماكو ونيامي، كما أعلنت عن تجميد اعتماد سفيرها الجديد في واغادوغو، وأغلقت مجالها الجوي أمام مالي.

“انقلابيو مالي رهينة لأجندات خارجية”

في هذا الإطار، يرى المحلل السياسي توفيق بوقاعدة، في تصريح له لـ "أوراس"، أن القيادة العسكرية في مالي أصبحت رهينة لإملاءات خارجية تهدف إلى إفشال جهود الجزائر في تطبيع علاقاتها مع الانقلابيين، بما يخدم استقرار الشعب والمنطقة. ورغم المبادرات الجزائرية، تواصل باماكو استفزازاتها، مما يثير قلق الجزائر حول نوايا هذه القيادة.

سيناريوهات محتملة

يعتقد بوقاعدة أن الجزائر الآن أمام سيناريوهين محتملين في إدارة علاقاتها مع هذه الدول. السيناريو الأول يتمثل في تراجع هذه الدول عن التصعيد، مما يفتح باب التهدئة والتنسيق من جديد. أما السيناريو الثاني، فيتمثل في التصعيد المستمر، مما يعني الانزلاق نحو الفوضى وتكريس الاستقطاب الدولي في المنطقة. وفي هذا السيناريو، سيكون الخاسر الأكبر هو شعوب الساحل، التي ستُحرم من المشاريع التنموية.

“الجزائر تلتزم بضبط النفس لكنها لا تتساهل في السيادة”

في قراءة أمنية، أكد الخبير الأمني أحمد ميزاب أن الجزائر تعتمد على سياسة التهدئة، لكنها في الوقت نفسه لا تتهاون في الدفاع عن سيادتها. ويشير إلى أن الجزائر لطالما سعت لتجاوز الهفوات بدافع حسن الجوار، ولكنها لن تتجاهل التجاوزات الكبرى.

حكومات الانقلاب في الساحل تخوض حربًا بالوكالة

من جانبه، أوضح أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر، رضوان بوهيدل، أن رد الجزائر جاء في إطار الدفاع عن سيادتها بعد استدعاء دول تحالف الساحل لسفرائها. ويعتبر أن الجزائر اتخذت هذه الخطوات كحق مشروع لحماية أمنها القومي.

اختلاف جذري في مقاربة الأمن والإرهاب

وعلى صعيد آخر، يشير المحلل إلى أن التصعيد بين الجزائر ومالي يعود أيضًا إلى اختلاف النظرة تجاه الإرهاب. بينما تصنف حكومة باماكو الأزواديين كإرهابيين، ترى الجزائر أن هذا التصنيف يتجاهل تعقيدات الوضع في المنطقة. وبذلك، يستمر التوتر بين البلدين، مما يجعل الحلول السلمية بعيدة المنال.
أكثر من خوات الحلقة 7