-

انهيار التحالف السوري-الإيراني وتأثيراته

انهيار التحالف السوري-الإيراني وتأثيراته
(اخر تعديل 2024-12-08 13:38:20 )

نشرت صحيفة نيويورك تايمز تقريرًا مثيرًا حول انهيار التحالف القديم بين سوريا وإيران، وهو تحالف استمر لعقود طويلة. تطرقت الكاتبة إلى الأبعاد السياسية العميقة لهذا التحول المفاجئ، الذي قد يُعيد تشكيل الخارطة السياسية في الشرق الأوسط. فرغم الجهود الكبيرة التي بذلتها طهران في دعم نظام بشار الأسد، بما في ذلك الأموال والموارد البشرية، جاء قرار إيران المفاجئ بالتراجع في لحظة حرجة، مما يثير تساؤلات عديدة حول مستقبل هذا التحالف.

نقطة تحول في العلاقات السورية-الإيرانية

على مدار العقود الماضية، كانت إيران تعتبر الداعم الرئيسي لنظام الأسد في سوريا، حيث أقامت قواعد عسكرية وورش تصنيع أسلحة لتأمين مصالحها في المنطقة ودعم حلفائها. ومع تزايد الضغوط التي تواجه النظام من قبل المعارضة المسلحة، بدأت إيران، يوم الجمعة الماضي، في إجلاء عسكرييها وموظفيها الدبلوماسيين، وفقًا لمصادر إيرانية وإقليمية.

هذا الانسحاب المفاجئ يُعتبر اعترافًا ضمنيًا بفشل المشروع الإيراني في سوريا، إذ أصبحت طهران عاجزة عن تأمين الموارد اللازمة للدفاع عن الأسد في ظل الأزمات المتعددة التي تواجهها، بدءًا من الحرب الإسرائيلية على غزة.

انعكاسات إقليمية وخسائر استراتيجية

تشير التقارير إلى أن انهيار التحالف السوري-الإيراني سيُضعف "محور المقاومة" الذي أسسته إيران في سوريا والعراق ولبنان واليمن، مما يعزز من نفوذ إسرائيل وحلفائها في المنطقة. وفقًا لحسن شمشادي، الخبير الإيراني في الميليشيات، فإن سوريا كانت "العمود الفقري" لوجود إيران الإقليمي، وأي خسارة هناك تعني شللًا كبيرًا لقدرتها على دعم حلفائها.

تفكك داخلي وتداعيات غير مسبوقة

الصدمة الإيرانية من تقدم المعارضة السورية السريع وما تبعته من خسائر عسكرية واستراتيجية، قد انعكست على تصريحات المسؤولين الإيرانيين. فبينما حاولوا إظهار التمسك بدعم الأسد علنًا، أظهرت تسريبات خاصة أن ثقتهم بدأت تتلاشى.

بالإضافة إلى ذلك، بدأ الإعلام الإيراني في تغيير لهجته تجاه المعارضة السورية، مما يشير بوضوح إلى قبول القيادة الإيرانية للواقع الجديد. كما وثقت وسائل الإعلام تفريغ المواقع الشيعية المقدسة مثل مزار السيدة زينب، الذي كان رمزًا لتبرير التدخل الإيراني في سوريا.

رسائل المعارضة والبحث عن حلول تفاوضية

وفقًا لمصادر الصحيفة، تلقت طهران رسالة من "هيئة تحرير الشام"، تعهدت فيها بحماية المواقع الشيعية مقابل خروج آمن للقوات الإيرانية. هذا العرض يُظهر تحولًا في ديناميكيات الصراع، حيث بدأت إيران تبحث عن تقليل خسائرها بدلاً من السعي لتحقيق مكاسب جديدة.

نهاية المشروع الإيراني في سوريا؟

منذ بداية التدخل الإيراني في سوريا في عام 2012، كان الهدف هو تأمين مصالحها الإقليمية ودعم حلفائها مثل "حزب الله". ومع ذلك، أثرت الهجمات الإسرائيلية المتكررة على المواقع الإيرانية، بالإضافة إلى التغيرات الإقليمية والحرب في أوكرانيا، جميعها في استنزاف قدرات طهران.

كما أن التراجع الإيراني يُعزى أيضًا إلى فشل النظام السوري في تقديم الدعم المطلوب. ومع التهديدات الإسرائيلية المستمرة، بما في ذلك اعتراض الطائرات الإيرانية، أصبح من الواضح أن طهران تواجه خيارات صعبة.

مستقبل غامض لإيران في المنطقة

يعتقد خبراء مثل أفشون أوستوفار أن طهران في مأزق حقيقي. إذا استمرت في سوريا، قد تتكبد خسائر فادحة في معركة خاسرة. أما إذا انسحبت، فإنها ستظهر بمظهر الضعيف أمام خصومها في تل أبيب وواشنطن. هذا الوضع يعكس مدى تعقيد الحسابات الإيرانية في مرحلة ما بعد الأسد.

واقع جديد للشرق الأوسط

إن انسحاب إيران من سوريا ليس مجرد تغيير في التحالفات، بل هو بداية لحقبة جديدة في الشرق الأوسط. وبينما تستعد إيران لمواجهة تداعيات هذا التحول، ستواصل القوى الإقليمية إعادة ترتيب أوراقها لتحقيق أقصى استفادة من الفراغ الذي خلفه هذا الانسحاب المفاجئ.


نقطة سودة الحلقة 21