قضية بوعلام دوالمن وتأثيرها على العلاقات الجزائرية الفرنسية

في يوم الخميس الماضي، أصدرت المحكمة الإدارية في ميلون قرارًا تاريخيًا يقضي بإلغاء الترحيل الفوري للجزائري بوعلام، المعروف بلقب "دوالمن"، من الأراضي الفرنسية. هذا القرار جاء عقب رفض الجزائر استقباله بسبب وجود خلل في الإجراءات القانونية، مما زاد من تعقيد القضية وأثار غضب السلطات الفرنسية. وقد أمرت المحكمة السلطات الفرنسية بمراجعة الوضع القانوني لـ "دوالمن" في غضون ثلاثة أشهر، ومنحته تصريح إقامة مؤقت خلال هذه الفترة، بالإضافة إلى تعويض مالي قدره 1200 يورو.

ردود الأفعال: وزير الداخلية والمحامون

على الرغم من القرار، سارعت وزارة الداخلية الفرنسية للإعلان عن نيتها استئناف الحكم، مشددة على أن الاستئناف لن يُؤثر على إجراءات الطرد، وأنها ستواصل البحث عن سبل قانونية أخرى لترحيله، بما في ذلك تقديمه أمام "اللجنة الإقليمية لطرد الأجانب" المقررة في 19 فيفري. في هذا السياق، انتقد وزير الداخلية برونو روتايو الحكم القضائي، حيث اعتبر أن "دوالمن" قد دخل فرنسا بشكل غير قانوني مرتين، ولديه ستة أحكام قضائية سابقة، فضلًا عن تصريحات تحريضية على الكراهية والعنف ضد معارض جزائري.

المحامون يرحبون بالقرار

بينما كانت وزارة الداخلية تعبر عن استيائها، رحبت محاميتا "دوالمن"، ماري دافيد بيلوارد وجولي غونيديك، بالقرار، واعتبرتا أن محاولات طرده تمثل "حملة استهداف قاسية وغير مبررة"، وأكدتا أن احتجازه منذ 29 جانفي كان غير قانوني. من جهة أخرى، أكد وزير العدل جيرالد دارمانان أنه إذا لزم الأمر، سيتم تعديل القانون لضمان أن "الجمهورية والدولة لا تبدوان عاجزتين"، مشددًا على ضرورة طرد جميع الأجانب غير النظاميين من البلاد.

تفاصيل اعتقال دوالمن

يُشار إلى أن "دوالمن"، البالغ من العمر 59 عامًا، والذي يتابعه 168 ألف شخص على منصة "تيك توك"، قد اعتُقل في الخامس من جانفي بمدينة مونبلييه، جنوب فرنسا، وتم وضعه رهن الاحتجاز. وقد جاء اعتقاله بعد نشره مقطع فيديو ينتقد فيه معارض جزائري يقيم في فرنسا، حيث فُسرت تعليقاته في البداية على أنها تحريض على القتل.

التوتر الدبلوماسي بين الجزائر وفرنسا

تأتي هذه القضية في وقت يشهد فيه البلدان توترًا دبلوماسيًا متزايدًا حول قضايا متعددة، منها قضية الصحراء الغربية، واحتجاز الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال في الجزائر منذ نوفمبر الماضي. وقد زاد التوتر بعد توقيف "دوالمن"، خصوصًا بعد أن تم ترحيله إلى الجزائر في 9 جانفي، قبل أن تعيده السلطات الجزائرية إلى فرنسا في اليوم نفسه، وهو ما اعتبرته باريس "إهانة" مباشرة لها.

رغم التصريحات الحادة من الجانب الفرنسي، أكدت الجزائر أن الهدف من إعادة "دوالمن" ليس التصعيد أو الإساءة إلى فرنسا، بل إن القضية تأخذ طابعًا قانونيًا بحتًا.