جدل الإعلام الرياضي في الجزائر وتأثيره

جدل الإعلام الرياضي في الجزائر وتأثيره على الملاعب
تعيش الساحة الإعلامية والرياضية في الجزائر حالة من الجدل الواسع، حيث تعرضت قناة “الهداف” الرياضية لانتقادات حادة. هذه الانتقادات لم تكن مجرد آراء عابرة، بل جاءت وسط اتهامات خطيرة بتغذية التوتر في الملاعب، بالإضافة إلى تهم بالانحياز الواضح لأندية العاصمة. كل هذه القضايا أثارت نقاشًا وطنيًا حول دور الإعلام الرياضي وحدود التعبير في هذا المجال.
تفجرت القضية بعد وقوع أحداث عنف مؤسفة، تزامنت مع تصريحات مثيرة للجدل أطلقها المحلل المعروف واللاعب الدولي السابق علي بن شيخ، حيث تحدث عن الحكم الدولي مصطفى غربال بعد مباراة مولودية الجزائر مع أولمبيك آقبو. وصف بن شيخ الحكم بأنه غير مؤهل لتمثيل الجزائر في كأس العالم للأندية، وهو تصريح أثار عاصفة من الانتقادات على منصات التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى ردود فعل حادة داخل الأوساط الكروية والإعلامية.
تدخل الجهات الرسمية وردود الأفعال
على إثر هذه الأحداث، تدخلت السلطة الوطنية المستقلة لضبط السمعي البصري وأصدرت بياناً حذرت فيه قناة “الهداف”، مشيرة إلى وجود تجاوزات مهنية واضحة في برامجها، خاصة في حلقات معينة. كما قررت السلطة توقيف برنامج “ستاد النهار” الذي يُبث على قناة “النهار” لمدة 21 يوماً، بسبب محتوى يتضمن “خطابًا يحمل دلالات عنصرية صريحة”، مما يظهر تصعيدًا في التعامل مع الخطاب الإعلامي المتوتر.
في البرلمان، حمل النائب عبد الرحمان صالحي قناة “الهداف” مسؤولية تأجيج العنف في الملاعب، مؤكدًا أن “الخطاب الإعلامي لبعض القنوات، وعلى رأسها الهداف، يُغذي التوتر بين الجماهير ويزيد من الاحتقان”. ودعا الجهات المعنية إلى تنظيم المشهد الإعلامي ومحاسبة المتسببين في نشر الفتنة.
آراء شخصيات إعلامية بارزة
في هذا السياق، أدلى الإعلامي الجزائري ومذيع قناة الجزيرة، مجيد بوطمين، بتصريحات لموقع “أوراس”، حيث قال: “الكثير من المتابعين يرون أن بعض التحليلات تفتقر للحياد وتميل للعاطفة أو الانحياز لأندية معينة. لذلك، جاء تدخل سلطة ضبط السمعي البصري، وحتى إن تأخر، فإنه ضروري لردع هذه التجاوزات”.
وأكد بوطمين على ضرورة وجود توازن بين حرية التعبير والموضوعية في الإعلام الرياضي في الجزائر، منتقدًا المطالبات بإقصاء حكم اختارته الفيفا للمشاركة في منافسات دولية. كما اقترح تنظيم دورات تكوينية للمحللين الرياضيين لتأهيلهم مهنيًا وضبط الممارسة الإعلامية.
من جهة أخرى، دافع الصحفي ومحلل قناة الهداف رشيد عبّاد عن القناة والمحلل علي بن شيخ، مُشيرًا إلى أن الأخير “عبّر عن رأيه في لحظة غضب”، في حين اعتبر الإعلامي والمعلق الرياضي الشهير حفيظ دراجي أن تحميل المسؤولية للإعلام وحده يعد مبالغة. وأوضح أن “مسؤولية الاحتقان جماعية، يتحملها كل الفاعلين، من اتحادية، وحكام، ومدربين، إلى الإعلام والجماهير”.
ردود الفعل على منصات التواصل الاجتماعي
على منصات التواصل الاجتماعي، تباينت الآراء بين مؤيد ومعارض. فقد طالب عدد من المتابعين بوقف علي بن شيخ عن الظهور الإعلامي، داعين السلطات العليا للتدخل ضد ما وصفوه بـ”خطاب التحريض”. في المقابل، دافع آخرون عن القناة والمحلل، معتبرين أن “الهداف” تبقى القناة الرياضية الخاصة الوحيدة التي تضيف إلى المشهد الإعلامي. كما رأوا أن بن شيخ صريح ولا يقول إلا ما يؤمن به، حتى وإن لم يُرضِ الجميع.
تسليط الضوء على هذه القضية يعكس هشاشة التوازن بين حرية التعبير والمسؤولية المهنية في الإعلام الرياضي الجزائري، ويعيد طرح سؤالًا جوهريًا: من يرسم حدود الكلمة في فضاء يتقاطع فيه التنافس الكروي مع الحساسية الجماهيرية؟
المدينة البعيدة مترجم الحلقة 22