إفطار المرضى في الشارع خلال رمضان بين الاستحياء
لا يتجرأ المرضى أو المسنون ولا حتى الحوامل على الشرب أو الأكل عند الحاجة خلال النهار في شهر رمضان المبارك أمام الملأ.
ومن شدة الاستحياء من الإفطار علنا قد ينجر عن ذلك خطورة على صحتهم وأيضا على حياتهم.
ومن كان في حالة الضرورة القصوى فإنه يفعل ذلك بحرج كبير في الشارع.
وتطرح هذه الفئة من الأفراد تساؤلات حول شرعية الإفطار العلني لذوى الأعذار وما يقابلها من رفض اجتماعي لهذا السلوك.
احترام الصائم متجذر في المجتمع
ينشأ جميع الجزائريين منذ صغر سنهم على تقديس شهر رمضان المعظّم واحترام الصائمين.
ويتربى الطفل عندما يكبر قليلا على رفض الأكل أمام الناس في الشارع خلال شهر رمضان.
وساهمت هذه العادات الاجتماعية على عدم سماح الشخص لنفسه بالإفطار أمام الغير ولو كان مريضا أو مضطرا بسبب حالته الصحية.
وتطبّق هذه القاعدة داخل كثير من المنازل الجزائرية كذلك، فالأم الحامل مثلا أو الجدّ أو مريض السكري لا يحبذ أن يراهم أحد وهم يفطرون نهارا، ويفضلون الأكل خفية أو غلق باب المطبخ أو الغرفة ليضلوا على انفراد.
هل يعاقب القانون على الإفطار العلني؟
من الجانب القانوني، ينص قانون العقوبات الجزائري على معاقبة كل من أساء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، أو أحد الأنبياء، أو استهزئ بالمعلوم من الدين أو بأية شعيرة من شعائر الإسلام.
أما اجتماعيا، فيعتبر الجزائريون الإفطار خلال وضح النهار في الشهر الفضيل لغير المرضى استفزازا لمشاعر الصائمين وسلوكا غير مقبول، مهما كانت درجة احترام الحريات الفردية.
لذلك يتفادى الأشخاص المرضى غير القادرين على الصيام الإفطار إلا في بيوتهم، تخوفا من أن يظن المارّة أنهم ينتهكون حرمة رمضان.
الإسلام لا يحرّم الإفطار العلني للمريض
في بعض المرات خلال رمضان، نلتقي بأشخاص في الشارع مغمى عليهم والناس حولهم يهبون لمساعدتهم، ثم يتضح الأمر أنهم لا يستطيعون الصوم ولم يتمكنوا من الإفطار حرجا واستحياء من نظرات الناس أو خشية رد فعل الغير.
في هذا الشأن، قال الباحث والإمام بمسجد القدس بحيدرة الشيخ جلول قسول، في تصريح لمنصة “أوراس” إنه لا حرج على الأشخاص الإفطار علنا في رمضان عند الضرورة.
كما أوضح الإمام أن كثيرا من الناس يجهلون تفاصيل الدين ويعتقد البعض أن إفطار المريض على الملأ عند الحاجة محرّم، وهذا لا ينص عليه ديننا الإسلامي الذي يتميز بالحكمة والرحمة.
وأضاف الشيخ جلول أن المريض الذي يفطر في رمضان، هو استجابة لله تعالى، بعدما أمره الطبيب والإمام بذلك، ولا يعد انتهاكا لحرمة رمضان.
وأكد الإمام أن هذا النوع من السلوكيات راجع إلى مفاهيم خاطئة يجب أن تصحّح، داعيا إلى “تجنب الشك” في الناس عند رؤيتكم يأكلون في وضح النهار خلال رمضان.
واقترح إمام مسجد “القدس” إنشاء أماكن تسمى “إطعام المريض” خلال النهار في شهر رمضان سواء بشكل تطوعي أو بمقابل مادي، لتيسير الأمور على المرضى الذين يتعذّر عليهم الصيام.
ووفقا لديننا الحنيف، من له عذر صحيح، مسموح له الإفطار دون حرج أو تخوف لأنه تطبيق لرخصة أمر بها الخالق.