إذا كانت اللغة الإنجليزية تقتصر على كلمة Love للتعبير عن الحب و معناه الواسع، فاللغة العربية أشمل و أكثر قدرة على الإحاطة بهذا الشعور المستعصي على التعريف، و المراوغة لمن يحاول وضعه في قفص التصنيف و التبويب، فالعربية تقدم مفردات الهوى لوصف أول مراتب الحب إلى أن نصل إلى الهيام في آخر درجاته مرورا بالكلف و العشق و الشغف و اللوعة و الجوى و غيرها من الكلمات و التعابير التي لكل منها معنى مخلتف عن الآخر.
يعتبر تعريف الحُب اصطلاحاً على أنَّه الشعور الإعجابيِّ القوي الذي يشعره الشخص اتجاه أحد أصدقائه أو أقاربه أو اتجاه شيء ما، وتعريف الحُب الأكثر شيوعاً هو شعور الإعجاب بشخص آخر بالِغ، والانجذاب إليه رومانسيا.و
يتم استخدام الكلمة في الغالب وفقًا للتعريف الأول الوارد في القاموس: “شعور شديد بالعاطفة العميقة”. بمعنى آخر ، الحب هو ما يشعر به المرء.
يعرف الحب على أنه مجموعة من المشاعر المعقدة التي تنتج عنها العديد من التصرّفات والأفكار المنسوجة بعواطفٍ قويّة تحكم المرء وتُسيطر على كيانه وإحساسه، فتجعله يرغب بحمايّة الشخص أو الشيء الذي يُحبّه، ويشعر بمودّةٍ وألفة وعطفٍ كبير اتجاهه، فيحترمه ويُحافظ عليه ويُراعي مشاعره ويرغب بإسعاده وحمايته من أي تهديدٍ أو خطر قد يُلحق الضرر به بأيّ شكل،والحب ليس فقط مُجرد تلك الكلمات المعسولة التي تتردد في أغاني العشق والغرام، بل هو أفعال قبل أن يكون أقوال، فالحب تضحية وتفاني من أجل الآخر ووعود تُمنح ليُوّفى بها.
يقول العارفون و المهتمون بأنه لما كان الفهم لمسمى الحب أشد، و بقلوب المحبين أعلق، كثرت لدى العرب أسماء الحب، وذلك تبعا لتنوع المشاعر و الأحاسيس التي تخطر للمحبين وتنتاب جوارحهم، فتطيح بهم يمنة و يسرة، أوتعلو بهم وتسفل، أو تضيء لهم و تظلم، أو تشرق و تغرب.
الحب هو سر القلوب وسبب لنحيا حياة دافئة تغمرها الألفة ويلفها الأمان وتغلفها العاطفة . الحب تماما كقالب الحلوى ألذ ما فيه أول قطعة فيه فهي تبقة ذكرى تخلد في الوجدان . الحب هبة من الرحمن أودعها في قلوب البشر لتعم السعادة وينتشر الصفاء والأمان.
ويفسر العلماء الحب بأنه ينطوي على التزامات مهمة تختلف درجة تقييمها من شخص لآخر، وفي هذا السياق يقول الأخصائي النفسي، روبرت شتيرنبرغ، في تقرير نشرته مجلة “بريغيته” الألمانية على موقعه الالكتروني، إن الحب يتكون من ثلاث قيم وهي “الحميمية والارتباط والشغف”. وتنشأ السعادة عندما يتوافق تقييم نسبة كل من هذه المعاني بالنسبة للرجل والمرأة. فالرجل الذي يرى أن الحميمية هي أهم معنى في الحب، سيندهش عندما تعتبر زوجته أن مساعدته لها في أعمال المنزل، هي أفضل تعبير عن الحب.
والحب الحقيقي، هو الحب الذي لا يصيبه العجز ولا تنقطع حباله مع مر الوقت ولكنه يزيد قوة ونقاء ونضارة، ويجب التنبيه هنا أن هذا الحب الحقيقي الذي نحكي عنه لا يمكن أن يكون إلاّ بعلاقة حلال طيبة يرضى عنها الله ويقرها ويباركها الجميع ألا وهي الزواج، الذي يُعد من أقدس الروابط والطرق التي تربط بين رجل وامرأة، وهو الذي حدده قوله سبحانه: “ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجًا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة”.
وفي لسان العرب إصطلاحات للحب وهي على سبيل المثال:
الهوى: ميل النفس إلى الشيء.
الكلف: الولوع بالشيء مع شغل القلب و مشقته لشدة الحب.
العشق: فرط الحب و أمره وأخبثه، وسمي العاشق عاشقا، لأنه يذبل من شدة الهوى كما تذبل العشقة و هي شجرة تخضر فإذا قطفت تدق و تصغر.
الشغف: إرتفاع الحب أعلى موضع من القلب، و الشغاف: غلاف القلب أو حبة القلب وسويداؤه، يقول تعالى في سورة يوسف: قد شغفها حبا
الشعف: شدة الحب و شعفة رأس الجبل و منها قولهم: شعف بفلان أي إرتفع حبه إلى أعلى المواضع في قلبه، و قيل الشعف: إحراق الحب للقلب.
الجوى: الهوى الباطن و الحرقة و شدة الوجد من عشق أو حزن.
التتيم: التعبد، و المتيم هو الذي تيمه الحب و إستعبده الهوى و هو ذهاب العقل من الهوى.
التبل: أن يسقمه و يمرضه الهوى. رجل مَتْبُول: أي أسقمه الهوى، وقلب متبول إذا غلبع الحب وهيمه.
التدله: ذهاب العقل من الهوى. والدله: ذهاب الفؤاد من هم أو نحوه، كما يدله عقل الإنسان من عشق أو غيره.
الهيام: أشد العطش. و الهيام كالجنون أو كالجنون من العشق و هو يشارك التيم و التبل و الدله في إنعدام الإيحاء السعيد في معناه.
الصبابة: رقة الشوق و حرارته.
المقة: المحبة، الوامق: المحب.
الوجد: الحب الذي يتبعه الحزن.
الدنف: المرض و أستعمل العرب هذا الإسم للحب اللازم.
الشجو: الحب الذي يتبعه هم و حزن.
الشوق: سفر القلب إلى المحبوب.
البلبال: الهم ووسواس الصدور.
التباريح: الشدائد و الدواهي، يقال: برج به الحب و الشوق إذا نال منه البرح و هو الشدة.
الغمرة: ما يغمر القلب من حب أو سكر.
الشجن: حاجة المحب أشد إلى محبوبته.
الوصب: ألم الحب و مرضه.
الكمد: الحزن المكتوم.
الأرق: السهر و هو من لوازم الحب.
الحنين: الشوق الممزوج برقة.
الجنون: من الحب ما يكون جنونا، و أصل مادة الجنون الستر و الحب المفرط يستر العقل.
الود: خالص الحب و ألطفه و أرأفه.
الغرام: الولوع و الحب اللازم، و أغرم بالشيء أي: أولع به.
الوله: ذهاب الغقل و التحير من شدة الوجد.
السهد: شدة السهر و تواتر أحوال المحبوب على القلب.