تجليات الإيثار في الإسلام: قيم ومبادئ نبيلة
يعد الإيثار في الإسلام من أبرز القيم الإنسانية السامية، حيث يتجلى في تفضيل مصلحة الآخرين على المصلحة الذاتية. إنه يعكس نوعًا خاصًا من السخاء والجود، ويمثل قمة العطاء. هذا المفهوم لا يعكس فقط قوة الإيمان، بل أيضًا الحب والصبر، وكذلك الرغبة في الحصول على الأجر والثواب الذي وعد الله به عباده.
مراتب الإيثار
يمكننا القول إن الإيثار له درجات متعددة، وأعلى هذه الدرجات هو إيثار رضا الله على رضا الخلق، وهي المرتبة التي بلغها الأنبياء والرسل. فالإيثار ليس مجرد فعل بل هو فلسفة حياة تزرع في النفوس الرغبة في العطاء بلا حدود.
آيات قرآنية تتحدث عن الإيثار
- الآية الأولى: {وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الحشر: 9].
- الآية الثانية: {لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ} [آل عمران: 92].
- الآية الثالثة: {لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَـئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} [البقرة: 177].
- الآية الرابعة: {عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلا شُكُورًا} [الإنسان: 6-9].
- الآية الخامسة: {وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ} [البقرة:177]، وقوله: {لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 92].
- الآية السادسة: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} [الحشر: 9]. {وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأَرَائِكِ لا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلا زَمْهَرِيرًا} [الإنسان: 12-13].
الإيثار كعلامة على السخاء
إذا كنت من الأشخاص الذين يسهل عليهم العطاء ولا يشعرون بالألم عند تقديم شيء للآخرين، فإنك تُعتبر سخيًا. أما إذا كنت تعطي أكثر مما تحتاج وتترك لنفسك القليل، فأنت جواد. ولكن إذا كنت تعطي الآخرين رغم حاجتك، مع تقديمهم على نفسك، فقد وصلت إلى مرتبة الإيثار، وهي من أعلى المراتب في الأخلاق.
أسباب تعزيز الإيثار
- الرغبة في مكارم الأخلاق، والابتعاد عن رذائلها، فكلما زادت رغبتك في الأخلاق الحميدة، زاد إيثارك.
- الكراهية للشُّحِّ، فالتخلص من الشح يكون بالجود والإيثار.
- تعظيم حقوق الآخرين، حيث يدرك الشخص أن أداء الحقوق يتطلب منه أن يُفضل الآخرين.
- الاستخفاف بالدنيا والتركيز على الآخرة، فالعلاقة بين ما تقدمه في الدنيا وما ستحصل عليه في الآخرة تدفعك للإيثار.
- ترويض النفس على تحمل الصعوبات، إذ يتطلب الإيثار أحيانًا التضحية بالراحة من أجل مصلحة الآخرين.
وتبقى ليلة الحلقة 35