-

هروب مهدي الحيجاوي: عودة إلى الماضي

هروب مهدي الحيجاوي: عودة إلى الماضي
(اخر تعديل 2025-02-03 02:00:30 )

في حدث تاريخي غير مسبوق، شهدت الأجهزة الأمنية المغربية فرار مهدي الحيجاوي، الذي كان يشغل منصب "الرجل الثاني" في جهاز المخابرات الخارجية المغربية المعروف باسم (لادجيد)، إلى إسبانيا هربًا من ملاحقات قانونية. يعتبر الحيجاوي أول شخصية أمنية رفيعة المستوى تختار المنفى منذ زمن إدريس البصري، وزير الداخلية السابق في عهد الملك الحسن الثاني.

من فرنسا إلى إسبانيا: رحلة الهروب

وفقًا لتقرير نشرته صحيفة إل كونفيدينسيال الإسبانية، بدأت رحلة هروب الحيجاوي من فرنسا، حيث كان يشعر بمراقبة شديدة من قبل عملاء مجهولين. هذه المراقبة زادت بعد استئناف العلاقات الدبلوماسية بين الرباط وباريس في يوليو الماضي.

انتقل الحيجاوي، الذي يبلغ من العمر 52 عامًا، إلى مدريد مستخدمًا تأشيرة شنغن صالحة. لكن حالما وصل، وجد نفسه في مواجهة طلب رسمي من السلطات المغربية لتسليمه، حيث تم تقديم الطلب إلى المحكمة الوطنية الإسبانية بتهم تتعلق بالانتماء إلى منظمة إجرامية والاحتيال والترويج للهجرة غير الشرعية.

في البداية، أُطلق سراح الحيجاوي بكفالة، مع فرض شروط تسليم جواز سفره وحضوره بشكل دوري إلى مركز الشرطة. لكن عدم التزامه بهذه الشروط أدى إلى إصدار مذكرة اعتقال بحقه في نوفمبر الماضي.
شراب التوت الحلقة 87

منذ تلك اللحظة، اختفى عن الأنظار، مما أثار شكوكًا حول تلقيه مساعدات من شبكات استخباراتية أوروبية.

مسيرة أمنية طويلة ومثيرة للجدل

التحق الحيجاوي بجهاز لادجيد عام 1994، حيث تلقى تدريبات متقدمة في وكالات استخبارات عالمية مشهورة، مثل وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA) وجهاز الأمن الإسرائيلي (الشاباك) والمديرية العامة للأمن الخارجي الفرنسي.

لقد كان له دور بارز في عدد من العمليات الأمنية الحساسة، خصوصًا في أوروبا، حيث ساهم في تعزيز الموقف المغربي بشأن الصحراء الغربية ومواجهة نفوذ جبهة البوليساريو.

رغم تاريخه الحافل، أُقيل الحيجاوي من منصبه قبل نحو عقد من الزمن بعد توجيه رسالة إلى الملك محمد السادس من مجموعة من العملاء تتهمه بعدم الكفاءة. ورغم إعادة تعيينه مستشارًا أمنيًا في عام 2017 من قبل فؤاد علي الهمة، مستشار الملك، إلا أنه ظل محاطًا بالجدل.

خلافات داخلية وعوامل شخصية

تشير التقارير إلى أن سبب سقوط الحيجاوي في دائرة الغضب الملكي يعود إلى إعداده "كتابًا أبيض" يتضمن مقترحات لإعادة هيكلة النظام الأمني المغربي، وهو ما أغضب المقربين من الملك. كما أن علاقته بالإخوة أبو زعيتر، الذين يُعتبرون مقربين من الملك، زادت من التوترات بينه وبين دوائر السلطة، حسبما أفادت جريدة “إل كونفيدينسيال”.

تضييق الخناق في مدريد

في 28 أكتوبر الماضي، استُدعي الحيجاوي للاجتماع مع المجلس الوطني للمخابرات الإسبانية. ووفقًا لمصادر "إل كونفيدينسيال"، حضر الاجتماع عملاء مغاربة قدموا له رسالة واضحة: "ستعود إلى المغرب عاجلًا أم آجلًا". هذا الاجتماع كان دافعًا رئيسيًا لقرار اختفائه.

مستقبل مجهول

يثير اختفاء مهدي الحيجاوي العديد من التساؤلات حول مصيره، في ظل التوترات السياسية والأمنية التي تحيط به. وبينما تلاحقه السلطات المغربية، يبقى هروبه قضية حساسة تتشابك فيها المصالح الأمنية والسياسية بين الرباط ومدريد.