شعر عن الحب الصادق
إني خيرتك – نزار قباني
لقد اخترتك، أيتها الحبيبة، فاختاري ما بين الموت على صدري أو فوق صفحات أشعاري. اختاري الحب أو اللاحب، فليس من الشجاعة أن تبقي دون اختيار. لا توجد منطقة وسطى بين الجنة والنار. أحرقي أوراقك كاملة، وسأرضى بأي قرار تتخذينه.
قولي، انفعلي، انفجري ولا تقفي كالمسمار. لا أستطيع أن أظل كالقشة تحت الأمطار. اختاري مصيرك بين خيارين، وما أعنف تلك الأقدار التي تواجهنا. أنت مرهقة وخائفة، ومشواري طويل وصعب. اغمريني في البحر أو ابتعدي، فلا يوجد بحر بلا دوار.
الحب هو مواجهة كبرى، إبحار ضد التيار، فيه صلب وعذاب ودموع ورحيل بين الأقمار. جبنك يقتلني، أيتها المرأة التي تتسلى خلف ستار. أنا لا أؤمن بحب لا يحمل نزق الثوار، حب لا يكسر الأسوار ولا يضرب كالإعصار. آه، لو كان حبك يبتلعني، يقلعني كالإعصار، فقد اخترتك، فاختاري ما بين الموت على صدري أو فوق دفاتر أشعاري. لا توجد منطقة وسطى ما بين الجنة والنار.
قولي أحبك – نزار قباني
قولي أحبك كي أزيد من وسامتي، فبغير حبك لا أكون جميلاً. قولي أحبك كي تتحول أصابعي إلى ذهب وتصبح جبهتي قنديلاً. قوليها الآن بلا تردد، بعض الهوى لا يقبل التأجيل.
سأغير التقويم لو أحببتني، سأمحو فصولاً أو أضيف فصولاً. وسينتهي العصر القديم على يدي، وسأقيم عاصمة النساء بديلاً. ملك أنا لو تصبحين حبيبتي، أغزو الشموس مراكباً وخيولاً. لا تخجلي مني، فهذه فرصتي لأكون بين العاشقين رسولاً.
يبكي ويضحك – بشارة الخوري
يبكي ويضحك، لا حزناً ولا فرحاً، كعاشق خط سطراً في الهوى ثم محا. من بسمة النجم همس في قصائده، ومن مخالسة الظبي الذي سنح. قلب تمرس باللذات وهو فتى، كبرعم لمسته الريح فانفتح.
ما للأقاحي السمراء قد صرفت عنا هواها، أرق الحسن ما سمح. لو كنت تدري ما قاسى من شجن، لكنت أرفق من أسى ومن صفح. غداة لوحت بالآمال باسمة، لان الذي ثار وانقاد الذي جمح.
فالروض مهما زهت قفر إذا حرمت من جانح رفق أو من صادح صدح.
أيظن – نزار قباني
أيظن أني لعبة بيديه؟ أنا لا أفكر في الرجوع إليه. اليوم عاد، كأن شيئاً لم يكن، وبراءة الأطفال في عينيه، ليقول لي: إنني رفيقة دربه، وبأنني الحب الوحيد لديه.
حمل الزهور إلي، كيف أردّه؟ وصباي مرسوم على شفتيه. ما عدت أذكر، والحرائق في دمي، كيف التجأت إلى زنديه؟ خبأت رأسي عنده، وكأني طفل أعيد إلى أبويه.
حتى فساتيني التي أهملتها فرحت به، رقصت على قدميه. سامحته وسألت عن أخباره، وبكيت ساعات على كتفيه. وبدون أن أدري تركت له يدي، لتنام كالعصفور بين يديه. ونسيت حقدي كله في لحظة، من قال إنني قد حقدت عليه؟ كم قلت إنني غير عائدة له، ورجعت، ما أحلى الرجوع إليه.
نهر الأحزان – نزار قباني
عيناك كنهري أحزان، نهري موسيقى.. حملاني لوراء، وراء الأزمان. نهري موسيقى قد ضاع، سيدتي.. ثم أضاعاني. الدمع الأسود فوقهما يتساقط أنغام بيان، عيناك وتبغي وكحولي، والقدح العاشر أعماني.
وأنا في المقعد محترق، نيراني تأكل نيراني. أأقول أحبك يا قمري؟ آه لو كان بإمكاني. فأنا لا أملك في الدنيا إلا عينيك وأحزاني.
سفني في المرفأ باكية، تتمزق فوق الخلجان. ومصيري الأصفر حطمني، حطم في صدري إيماني. أأسافر دونك ليلكتي؟ يا ظل الله بأجفاني.
يا صيفي الأخضر يا شمسي، يا أجمل.. أجمل ألواني. هل أرحل عنك وقصتنا أحلى من عودة نيسان؟ أحلى من زهرة غاردينيا في عتمة شعر إسباني.
الكذبة الحلقة 17
يا حبي الأوحد.. لا تبكي، فدموعك تحفر وجداني. إني لا أملك في الدنيا إلا عينيك وأحزاني. أأقول أحبك يا قمري؟ آه لو كان بإمكاني.
فأنا إنسان مفقود، لا أعرف في الأرض مكاني. ضيعني دربي.. ضيعني اسمي.. ضيعني عنواني. تاريخي! ما لي تاريخ؟ إني نسيان النسيان. إني مرساة لا ترسو، جرح بملامح إنسان.
ماذا أعطيك؟ أجيبيني، قلقي؟ إلحادي؟ غثياني. ماذا أعطيك سوى قدر يرقص في كف الشيطان؟ أنا ألف أحبك.. فابتعدي عني.. عن ناري ودخاني. فأنا لا أملك في الدنيا إلا عينيك.. وأحزاني.