-

علاقة جان ماري لوبان بثورة الجزائر

علاقة جان ماري لوبان بثورة الجزائر
(اخر تعديل 2025-01-08 16:00:26 )

تحدث المؤرخ الشهير بنجامين ستورا، الذي يُعتبر أحد أبرز المتخصصين في تاريخ الجزائر، عن العلاقة المعقدة التي تربط بين السياسي الفرنسي الراحل جان ماري لوبان، المعروف بكونه أحد أعمدة اليمين المتطرف الفرنسي، والفترة العصيبة التي شهدتها الجزائر خلال الثورة ضد الاستعمار. جاءت هذه التصريحات بعد يوم واحد من وفاة لوبان، حيث أدلى ستورا بتعليقاته في فقرة خاصة على موقع راديو فرانس بتاريخ 8 جانفي 2025.

الحنين إلى “الجزائر الفرنسية”

ركز ستورا في تحليلاته على كيفية استغلال لوبان لموضوع الهجرة الجزائرية إلى فرنسا، معتبرًا إياها امتدادًا للصراع التاريخي الذي انتهى بخسارة فرنسا لجزائرها. قال ستورا إن لوبان حاول في خطابه السياسي أن يعكس مشاعر الحنين إلى الجزائر التي كانت مستعمرة فرنسية، حيث اعتبر أن الهجرة الجزائرية تشكل “غزوًا” للبلاد.

استغلال الهجرة لتعزيز الخطاب السياسي

أشار ستورا إلى أن لوبان استغل موجة الهجرة الجزائرية التي شهدتها الثمانينيات ليُغذي بها خطابه المتطرف، حيث كان يسأل: "إذا كنتم تريدون استقلال الجزائر، فلماذا تستمر الهجرة الجزائرية إلى فرنسا؟". هذه التساؤلات لم تكن مجرد استفسارات عابرة، بل كانت جزءًا من خطاب مليء بالحنين إلى الزمن الماضي، زمن الإمبراطورية الفرنسية.
ست شباب الحلقة 13

التورط في الحرب ضد الجزائر

ربط ستورا مسيرة لوبان السياسية بفترة الجمهورية الرابعة، والتي شهدت انهيار الإمبراطورية الاستعمارية الفرنسية. ورغم أن لوبان تأخر في المشاركة في حرب الهند الصينية، إلا أنه عوّض ذلك بتورطه في حرب الجزائر، التي وصفها ستورا بأنها "حرب شرسة ومُنهكة".

التعذيب في الجزائر

أكد ستورا أن لوبان قد اعترف في عام 1962 بممارسته التعذيب أثناء الحرب ضد الجزائر، قبل أن يتراجع عن هذه التصريحات لاحقًا. وأشار إلى أن هذه الاتهامات استندت إلى شهادات وثّقتها الصحفية فلورانس بوغيه من صحيفة لوموند. أضاف ستورا أن لوبان كان "مجرد منفذ وليس صانع قرار" في تلك الأحداث، حيث كان المسؤولون الرئيسيون عن تلك الممارسات هم من السياسيين البارزين في ذلك الوقت مثل روبرت لاكوست وفرانسوا ميتران.

ذاكرة الحنين والانتقام

اختتم ستورا تحليله بالقول إن مسيرة جان ماري لوبان السياسية كانت دائمًا مرتبطة بفكرة الحنين إلى الإمبراطورية الفرنسية المفقودة، وذاكرة "الجزائر الفرنسية" التي كانت تُشكل دافعًا رئيسيًا لخطابه السياسي ومواقفه المثيرة للجدل. إن هذه الديناميكيات لا تزال تلقي بظلالها على الساحة السياسية الفرنسية حتى اليوم، حيث تبرز تساؤلات حول الهوية والتاريخ والاستعمار.