إنجاز تاريخي في مجال الصيد البحري الجزائري

في خطوة غير مسبوقة، شهد ميناء المرسى في ولاية الشلف حدثًا بارزًا، حيث تم تعويم أكبر سفينة صيد تم تصنيعها محليًا، وهذا بفضل الكفاءات الجزائرية. هذا الإنجاز ليس مجرد مشروع تجاري، بل يُعتبر علامة فارقة في تاريخ قطاع الصيد البحري في الجزائر، مما يعكس التطور الملحوظ في هذا المجال.
سفينة "زمالة الأمير عبد القادر"
تم اختيار اسم "زمالة الأمير عبد القادر" للسفينة كتقدير لأحد أبرز رموز النضال والمقاومة الجزائرية. وهذا الاسم يجسد مزيجًا فريدًا من الإبداع التقني والرمزية التاريخية، ويعكس أيضًا خطوة نوعية نحو تحقيق سيادة وطنية في مجال الثروات البحرية وتعزيز الأمن الغذائي.
إنجاز جزائري مائة بالمائة
تصل طول السفينة إلى 42 مترًا، ومن المتوقع أن تكون نقطة تحول رئيسية في صناعة السفن البحرية في الجزائر. حيث تم تصنيع هذه السفينة بمعدل إدماج وطني يصل إلى 85%، مما يعكس قدرة الجزائر على إنتاج سفن صيد متطورة بالكامل باستخدام الكفاءات المحلية.
وأكد المهندس سفيان موساوي، الذي يقود المشروع، أن "زمالة الأمير عبد القادر" هي أكبر سفينة صيد صنعت بأيادٍ جزائرية، مشيرًا إلى أن هذا الإنجاز يمثل تحديًا وطنيًا ومكسبًا اقتصاديًا في ذات الوقت.
قدرات تقنية متميزة
تتميز السفينة بقدرات فنية وتقنية متطورة، مما يجعلها قادرة على العمل في أعالي البحار. تستطيع السفينة البقاء في البحر لمدة تصل إلى 45 يومًا متواصلة بفضل قدرتها العالية على الإبحار لمسافات طويلة. وتبلغ حمولتها الإجمالية 450 طنًا، مما يجعلها واحدة من السفن الكبيرة القادرة على صيد كميات هائلة من الأسماك.
تم تزويد السفينة بمحرك قوي تصل قوته إلى 2500 حصان، مما يعزز قدرتها على الإبحار في ظروف بحرية صعبة. كما تحتوي السفينة على خزانات ضخمة تضم 160 طنًا من المازوت و60 طنًا من الماء، بالإضافة إلى غرف تبريد سعتها 50 طنًا، مما يجعلها مؤهلة للعمل في أعالي البحار لفترات طويلة دون الحاجة للعودة إلى الميناء.
من المتوقع أن تبدأ السفينة "زمالة الأمير عبد القادر" مهامها الرسمية في مايو 2025، حيث ستكون قادرة على الإبحار إلى سواحل موريتانيا، مما يعزز مكانة الجزائر في مجال الصيد البحري في أعالي البحار.
هذا المشروع هو جزء من خطة استراتيجية يرعاها رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، بهدف تعزيز الإنتاج الوطني من المواد الصيدية وتقليص الاعتماد على الاستيراد، وبالتالي تحقيق الأمن الغذائي في هذا القطاع الحيوي.
التوجه نحو الاقتصاد الأزرق
يتجاوز مشروع "زمالة الأمير عبد القادر" حدود قطاع الصيد البحري ليحمل بُعدًا اجتماعيًا وتنمويًا مهمًا. من المتوقع أن يُنشئ فرص عمل دائمة للعديد من البحارة والتقنيين في موانئ الجزائر، مما يُعيد الاعتبار لهذه الموانئ ويحولها إلى فضاءات إنتاجية بدلاً من أن تكون مجرد نقاط عبور.
هذا المشروع يعزز أيضًا روح الشباب الجزائري ويشجعهم على الانخراط في الحرف البحرية والاستثمار في "الاقتصاد الأزرق"، الذي يُعتبر أحد رهانات المستقبل في العالم، مما يُعزز قدرة الجزائر على استغلال ثرواتها البحرية بشكل مستدام.
قلب أسود الحلقة 27
لا يمكن تجاهل الدور الحاسم الذي لعبه دعم رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، في تحقيق هذا الإنجاز الكبير. وأكد المهندس سفيان موساوي أن تشجيع الرئيس لمثل هذه المشاريع كان له تأثير كبير في نجاحها، مشيرًا إلى أن الإمكانيات الجزائرية، سواء من حيث الخبرات أو المواد، قادرة على المنافسة مع السفن المستوردة وبكلفة أقل بكثير.