تنامي الموقف الإفريقي ضد النفوذ الفرنسي
تسجل الساحة الإفريقية خلال السنوات الأخيرة تحولات كبيرة، حيث تتزايد الأصوات التي ترفض النفوذ الفرنسي والوجود العسكري الفرنسي على أراضي القارة. هذه التغيرات تعكس رغبة الدول الإفريقية في تعزيز استقلالها وتطوير علاقاتها الخارجية بشكل يتجاوز التبعية التاريخية.
في الآونة الأخيرة، بدأت العديد من الدول الإفريقية، وبشكل خاص دول الساحل مثل مالي والنيجر وبوركينا فاسو، في التعبير بوضوح عن رغبتها في إنهاء الوجود الفرنسي. هذه الدول اتخذت خطوات جادة للتخلص من النفوذ الفرنسي الذي دام لعقود، مما يشير إلى تحول عميق في السياسة الإفريقية.
السنغال وتشاد ترفضان التواجد الفرنسي
في تصريحاته الأخيرة، أكد الرئيس السنغالي، باسيرو ديوماي فاي، أن الوجود العسكري الفرنسي في بلاده يتعارض بشكل صارخ مع السيادة الوطنية. وأشار إلى أن السنغال، التي نالت استقلالها منذ 64 عامًا، تسعى إلى علاقات قائمة على الشراكة الحقيقية دون الحاجة لوجود عسكري أجنبي.
قال فاي: "يجب على فرنسا أن تعيد التفكير في نوع الشراكة التي تقيمها معنا. نريد شراكة غنية ومثمرة، مثل تلك التي تربطنا مع دول أخرى مثل الصين وتركيا والولايات المتحدة، حيث لا توجد قواعد عسكرية على أراضينا".
وفي السياق ذاته، أعلن وزير الخارجية التشادي، عبد الرحمن كلام الله، عن إلغاء بلاده لاتفاقيات التعاون الأمني والدفاعي مع فرنسا. جاء هذا القرار بعد زيارة وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، لنجامينا، مما يعكس تحولًا تاريخيًا في سياسة تشاد نحو تعزيز سيادتها.
وفي بيان له، قال كلام الله: "لقد حان الوقت لتأكيد سيادة تشاد الكاملة وإعادة تحديد شراكاتها بناءً على أولوياتنا الوطنية". هذا القرار يعكس رغبة تشاد في استعادة السيطرة على مصيرها بعيدًا عن التبعية الفرنسية.
الكذبة الحلقة 26
ما هي سياسة إفريقيا الفرنسية؟
تاريخيًا، كانت سياسة فرنسا في إفريقيا تعتمد على الهيمنة والتبعية، حتى بعد حصول مستعمراتها على الاستقلال. حيث عُرفت سياسة "إفريقيا الفرنسية" التي أسسها الجنرال ديغول، الذي كان معارضًا لفكرة الاستقلال الحقيقي، ولكنه اضطر لتقبل الأمر مع الحفاظ على المصالح الفرنسية.
تضمنت هذه السياسة عدة أدوات لتحقيق التبعية، منها:
- الوسائل القانونية: إنشاء نخب حاكمة موالية لفرنسا من خلال تعديل الدساتير والقوانين، مما أتاح للرؤساء صلاحيات موسعة، على عكس الأنظمة البرلمانية.
- الوسائل العسكرية: فرض اتفاقيات دفاع تتيح لفرنسا إقامة قواعد عسكرية دائمة أو التدخل عند الحاجة، مما يعكس الهيمنة العسكرية على دول المنطقة.
- الوسائل الاقتصادية: حصول الشركات الفرنسية على عقود لاستغلال الموارد الطبيعية، مقابل توفير الحماية لهذه الأنظمة.
- الوسائل الثقافية: تعزيز اللغة الفرنسية والثقافة الفرنسية في الدول الإفريقية، بالإضافة إلى التحكم في مناهج التعليم.
في النهاية، يبدو أن القارة الإفريقية تتجه نحو إعادة تعريف علاقاتها مع القوى الخارجية، وتعزيز سيادتها واستقلالها في مواجهة التحديات التاريخية.