الجرائم الاستعمارية الفرنسية في الجزائر

تظل قضية الجرائم الاستعمارية التي ارتكبتها فرنسا في الجزائر موضوعًا مثيرًا للجدل والنقاش، خاصةً بعد ظهور أدلة جديدة تُشير إلى استخدام الجيش الفرنسي أسلحة كيميائية محظورة خلال فترة الثورة التحريرية. هذه الحقائق تفتح الأبواب أمام تساؤلات عديدة حول تاريخ تلك الفترة وكيفية تعامل السلطات الفرنسية مع هذه الأحداث.
وتقابل حبيب الحلقة 22
صوت المؤرخين: كريستوف لافاي يكشف المستور
في خطوة جريئة، أطلق المؤرخ الفرنسي كريستوف لافاي، الذي ساهم في إعداد الفيلم الوثائقي "الجزائر: وحدات الأسلحة الخاصة"، صرخات تحذير حول الصعوبات التي واجهها المؤرخون في محاولتهم للوصول إلى الأرشيف العسكري الفرنسي. وقد دعا لافاي إلى ضرورة فتح هذه الوثائق للكشف عن الجرائم التي ارتكبت بحق الشعب الجزائري.
العراقيل أمام الوصول إلى الأرشيف
في حديثه لجريدة "لوكوريي دالجيري"، أوضح لافاي أن السلطات الفرنسية لم تُظهر أي نية جدية في رفع السرية عن الوثائق الحساسة المتعلقة بهذه الجرائم. حيث كان يتعين على المؤرخين النضال طويلاً للحصول على أي معلومات تخص الحرب الكيميائية التي دارت في الجزائر. ورغم أن بعض الأرشيفات قد فُتحت بين عامي 2012 و2019، إلا أن وزارة الدفاع قامت بإغلاق الأرشيفات المعاصرة في ديسمبر 2019، مدعيةً وجود نزاع قانوني حول إجراءات رفع السرية.
الفيلم الوثائقي: صدمة للرأي العام
الفيلم الوثائقي "الجزائر: وحدات الأسلحة الخاصة"، من إخراج الفرنسية كلير بييه، كان بمثابة زلزال تاريخي، إذ كشف للمشاهدين الفرنسيين تفاصيل مرعبة حول استخدام الجيش الفرنسي للغازات السامة ضد الجزائريين. لكن ما أثار الدهشة هو تأجيل بث الفيلم على قناة "فرانس 5" بعد عرضه الأول في 9 مارس 2025 على قناة RTS السويسرية، مما أثار استياء لافاي وبييه اللذان تساءلا عن أسباب هذا التأجيل والرقابة المفروضة.
هل هي محاولة لطمس الحقائق؟
أثارت الرقابة والتأجيل العديد من التساؤلات حول نوايا السلطات الفرنسية، مما جعل البعض يعتقد أنه قد يكون هناك محاولة جديدة لطمس الحقائق التاريخية التي تُظهر انتهاكات حقوق الإنسان خلال فترة الاستعمار.
جرائم موثقة وصمت رسمي
لم تقتصر الانتهاكات على استخدام الأسلحة الكيميائية فحسب، بل أكد لافاي أيضًا أن استخدام الجيش الفرنسي لأسلحة مثل النابالم ضد المدنيين الجزائريين موثق في أرشيف وزارة القوات المسلحة. كما أشار إلى الصمت الرسمي حول النفايات المشعة الناتجة عن التجارب النووية التي أجريت في جنوب الجزائر.
دعوة لتحمل المسؤولية
بينما يستمر المؤرخون في المطالبة بفتح الأرشيفات وكشف الحقائق، تواجه فرنسا ضغوطًا متزايدة للاعتراف بجرائمها الاستعمارية. إلا أن سياسات التعتيم والإنكار لا تزال مستمرة، مما يثير الكثير من القلق والتساؤلات حول كيفية تعامل فرنسا مع تاريخها الاستعماري.