التوترات الدبلوماسية بين الجزائر وفرنسا

في ظل تصاعد الحملة العدائية التي يقودها اليمين المتطرف الفرنسي ضد الجزائر، تبذل بعض الأطراف السياسية في باريس جهودًا حثيثة لتهدئة الأوضاع وإعادة بناء الجسور بين البلدين. فقد أشار شمس الدين حفيز، عميد مسجد باريس الكبير، إلى أنه قد أجرى محادثات مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي أبدى رغبته في التواصل مع نظيره الجزائري عبد المجيد تبون في أقرب فرصة ممكنة، بهدف حل الأزمة الدبلوماسية التي تعصف بالعلاقات بين الجزائر وفرنسا.
ماكرون وموقفه من الجزائر
خلال حديثه مع جريدة "الخبر"، أشار العميد حفيز إلى أن ماكرون لا يزال ينادي الرئيس تبون بـ"أخي عبد المجيد"، مما يعكس احترامه الكبير له. وفي إطار ذلك، اعتبر أن الرئيس الجزائري يعمل على الدفاع عن مصالح بلاده في وقت عصيب، لكنه يؤمن بوجود إمكانية لتجاوز التوترات الحالية لصالح البلدين والجالية الجزائرية في فرنسا.
عائلة شاكر باشا مدبلج الحلقة 46
أزمة سياسية داخل فرنسا
علاوة على ذلك، أكد العميد حفيز أن فرنسا تواجه أزمة سياسية غير مسبوقة، حيث فقد ماكرون أغلبيته البرلمانية بعد حل الجمعية الوطنية العام الماضي، مما دفعه إلى البحث عن توازن سياسي جديد. ومع اقتراب شهر جوان، قد يضطر ماكرون إلى اتخاذ قرار بحل البرلمان مرة أخرى لاستعادة السيطرة على المشهد السياسي في البلاد.
ازدواجية الخطاب الفرنسي
وعلى الرغم من المواقف السابقة لماكرون، إلا أنه يواجه ضغوطًا داخلية متزايدة، خاصة من بعض الأطراف في حكومته واليمين المتطرف الذين يدفعون نحو مواقف تصعيدية ضد الجزائر. ومع ذلك، يظل ماكرون رافضًا لتصعيد الموقف، خصوصًا فيما يتعلق باتفاق 1968 الذي ينظم حركة الجزائريين في فرنسا، على الرغم من الضغوط المطالبة بإلغائه.
تهدئة ماكرون والتوترات الدبلوماسية
في سياق الجهود المبذولة لاحتواء الأزمة، أكد ماكرون خلال مؤتمر صحفي في البرتغال على ضرورة التعاون مع الجزائر بشأن ملف الهجرة، مشددًا على أن تدهور العلاقات لن يفيد أي من الطرفين. كما دعا إلى حل قضية الكاتب الفرانكو-جزائري بوعلام صنصال، من أجل استعادة "الثقة" بين البلدين.
الجزائر تكشف الامتيازات الفرنسية
في إطار آخر، قامت الجزائر باستدعاء السفير الفرنسي، ستيفان روماتيه، لمناقشة ملف العقارات التي تستغلها فرنسا بشروط غير متكافئة. ووفقًا لوكالة الأنباء الجزائرية، تحتل فرنسا 61 عقارًا في الجزائر بمبالغ زهيدة، بما في ذلك مقر السفارة الذي يمتد على 14 هكتارًا، وإقامة السفير، التي كانت تُؤجر بفرنك رمزي حتى أغسطس 2023.
خلفيات التهدئة
أشارت وكالة الأنباء الجزائرية إلى أن اليمين الفرنسي، سعيًا منه لإيجاد كبش فداء، يروج لاتهامات ضد الجزائر، متجاهلًا أن المستفيد الأكبر من العلاقات الثنائية هو فرنسا. كما كشفت أن باريس استفادت من امتيازات اقتصادية وتجارية غير متكافئة في الجزائر، وهو ملف يظل مركز خلاف بين البلدين.