-

تدهور العلاقات الجزائرية-الفرنسية

تدهور العلاقات الجزائرية-الفرنسية
(اخر تعديل 2025-01-29 19:19:22 )

تدهور العلاقات الجزائرية-الفرنسية وتأثيره على الاقتصاد

خلال السنوات الخمس الماضية، شهدت العلاقات بين الجزائر وفرنسا توترًا دبلوماسيًا ملحوظًا، تجلى في تأثيرات واضحة على الوضع الاقتصادي الفرنسي في الجزائر. تحت قيادة الرئيس عبد المجيد تبون، اتخذت الجزائر خطوات جادة لتعزيز شراكاتها مع دول أخرى مثل الصين وتركيا وقطر وإيطاليا، مما أثر سلبًا على النفوذ الفرنسي في المنطقة.

خروج شركات فرنسية كبرى من السوق الجزائرية

سلط تقرير لوكالة الأناضول الضوء على أن التوتر الدبلوماسي الذي شاب العلاقات بين الجزائر وفرنسا خلال السنوات الخمس الماضية، تزامن مع انخفاض واضح في التواجد الاقتصادي الفرنسي. حيث تم الإشارة إلى مغادرة العديد من الشركات الفرنسية الكبرى للسوق الجزائرية، مما أفسح المجال لشركات من دول أخرى.

في أكتوبر 2020، غادرت شركة "راتيبي باريس"، التي كانت تدير وتقوم بصيانة مترو الجزائر منذ عام 2011. هذا القرار جاء بعد أن قررت السلطات الجزائرية عدم تجديد عقدها. كما أغلقت شركة "سياز" الفرنسية، المسؤولة عن إدارة المياه والصرف الصحي في الجزائر العاصمة وولاية تيبازة، أبوابها في عام 2021 بعد عقود من العمل.

فيما يخص قطاع السيارات، شهدت الجزائر تحولات جذرية، حيث توقفت شركة رينو الفرنسية عن إنتاج السيارات في الجزائر منذ عام 2020، دون أي مؤشرات على استئناف نشاطها. وفي المقابل، بدأت الجزائر في إطلاق مشاريع بديلة، مثل شراكة مع العلامة الإيطالية "فيات"، بالإضافة إلى اتفاق حديث مع "هيونداي" الكورية الجنوبية لإنشاء مصنع سيارات باستثمار يفوق 400 مليون دولار.

قرارات استراتيجية لمواجهة الاستحواذات الفرنسية

في قطاع الطاقة، استخدمت الجزائر حق الشفعة لمنع استحواذ شركة "توتال" الفرنسية على أصول "أناداركو" الأمريكية، ورفضت الصفقة بشكل قاطع. وفي عام 2023، انسحبت "توتال" من مشروع بتروكيماويات كبير في وهران، حيث قررت الجزائر استكمال المشروع بشراكة مع مجمع صيني-بريطاني بتكلفة تصل إلى 1.5 مليار دولار.
محمد الفاتح مترجم الحلقة 26

خسائر فرنسية تقدَّر بـ18 مليار دولار

نقلت الوكالة عن الخبير الاستراتيجي حسان قاسيمي قوله إن القرارات الاقتصادية الجزائرية خلال السنوات الأربع الأخيرة أدت إلى خسائر للشركات الفرنسية، بلغت حوالي 18 مليار دولار. وأشار إلى أن هذه السياسات جاءت كرد فعل على "تصرفات وتصريحات غير أخلاقية" من بعض الأطراف السياسية الفرنسية، خصوصًا من اليمين المتطرف. وأوضح قاسيمي أن هذه الخسائر أثرت بشكل كبير على التوازنات المالية والاقتصادية في فرنسا، ما يعتبر إنذارًا للطبقة السياسية في باريس بضرورة مراجعة سياساتها تجاه الجزائر.

تعزيز شراكات جديدة في ظل التراجع الفرنسي

في ظل هذا التراجع الفرنسي، تسعى الجزائر لتنويع شراكاتها الاقتصادية، حيث عززت علاقاتها مع دول مثل الصين وتركيا وإيطاليا. هذا التوجه يعكس استراتيجية الجزائر لتقليل الاعتماد على الشراكات التقليدية والانفتاح نحو آفاق اقتصادية جديدة. وتدل هذه التحولات على مرحلة جديدة في العلاقات الجزائرية-الفرنسية، حيث يُظهر التصميم الجزائري على تعزيز استقلاله الاقتصادي وفتح أبواب التعاون مع شركاء عالميين متنوعين.