مطالبة بإعادة جمجمة المقاومين الجزائريين

في خطوة جديدة تهدف إلى تصحيح الأخطاء التاريخية التي ارتكبتها فرنسا خلال فترة الاستعمار، أطلق مجلس المنظمات غير الحكومية الفرنسية الجزائرية لائحة تطالب الحكومة الفرنسية بإعادة جماجم المقاومين الجزائريين، والتي لا تزال محفوظة في متحف الإنسان بباريس. يكتسب هذا الطلب بعدًا إنسانيًا ودلالات عميقة تعكس الذاكرة الجماعية للشعب الجزائري.
إتمام وعد ماكرون
تتوجه اللائحة بنداء مباشر إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، حيث تطالبه بالوفاء بالتزاماته التي أعلنها أثناء حملته الرئاسية السابقة. لقد تم التعهد بإعادة أكثر من 500 جمجمة تعود لمقاومين جزائريين، لكن حتى الآن لم يتم تسليم سوى 24 جمجمة إلى الجزائر في 3 يوليو 2020.
علاوة على ذلك، تعهد ماكرون بمواصلة جهود إعادة الممتلكات الثقافية الجزائرية التي نهبت خلال فترة الاستعمار الفرنسي، بما في ذلك هذه الجماجم التي تمثل جزءًا لا يتجزأ من تاريخ وهوية الشعب الجزائري.
وفقًا لموقع العربي الجديد، جاءت هذه المطالبة بعد أن أقرت الجمعية الوطنية الفرنسية في 26 ديسمبر 2023 قانونًا يسمح بإعادة عظام المقاتلين الذين ضحوا من أجل الاستقلال بعد مرور 170 عامًا على نقلها إلى فرنسا. هذه الخطوة جعلت القضية تأخذ بعدًا قانونيًا يتمتع بزخم سياسي متزايد.
رايسينغاني الحلقة 40
ومع ذلك، تبقى هناك العديد من التحديات التي تعترض تنفيذ هذا القانون، مثل تحديد هوية المقاتلين الذين تعود لهم هذه الجماجم، بالإضافة إلى التعقيدات المحتملة في عملية التفاوض بشأن النقل.
موقف الجمعيات والشخصيات المشاركة
الجمعيات الموقعة على اللائحة، بما في ذلك الجمعية الفرنسية لدعم ضحايا التفجيرات النووية والجمعية الطبية الفرنسية، تؤكد أن مطلبها لا يسعى إلى إعادة فتح النقاشات حول التاريخ الاستعماري، بل يهدف إلى دفن هذه الجماجم بشكل يليق بالقيم الإنسانية.
كما تبرز هذه الجمعيات أن عملية الإرجاع لا تقتصر على إعادة الجماجم فحسب، بل تشمل أيضًا تقديم الوثائق والآثار التي يمكن أن تساعد في تحديد هوية هؤلاء المقاتلين الجزائريين.
ومن بين الشخصيات البارزة التي وقعت على اللائحة، زهور بوطالب، ابنة الأمير عبد القادر الجزائري، الذي يعد واحدًا من أبرز القادة الذين قاوموا الاحتلال الفرنسي في الجزائر. كما يتضمن الموقف دعوة لإعادة الممتلكات الثقافية الأخرى التي سُرقت أثناء الاستعمار، والتي تمثل جزءًا حيويًا من الهوية الثقافية والتاريخية الجزائرية.
تاريخ النهب الاستعماري
تعود جذور الحديث عن جماجم المقاومين الجزائريين إلى الحقبة الاستعمارية الفرنسية، حين قامت القوات الاستعمارية الفرنسية خلال القرن التاسع عشر بقتل العديد من المقاتلين الجزائريين الذين قاوموا الاحتلال. بعد معارك شرسة مع المقاومين، قامت السلطات الفرنسية بقطع رؤوس العديد منهم، مما أدى إلى حفظها كغنائم حرب، وتم إرسال هذه الجماجم إلى فرنسا حيث تم الاحتفاظ بها في متحف الإنسان بباريس.
تم الكشف عن وجود هذه الجماجم لأول مرة في عام 2011، من خلال بحث أجراه المؤرخ الجزائري علي فريد بلقاضي، والذي أظهر أن هذه الجماجم تعود لمقاتلين جزائريين قضوا نحبهم خلال مقاومة الاستعمار. يجدر بالذكر أن مجلس المنظمات غير الحكومية الفرنسية الجزائرية يضم مجموعة متنوعة من المنظمات غير الحكومية، بالإضافة إلى شخصيات ونخب فرنسية وجزائرية، مما يعكس تنوع الجهود المبذولة لتحقيق العدالة التاريخية.