بين التحفيز والتفاخر.. استعراض العمل الخيري في
يتسابق الجزائريون في شهر رمضان الكريم إلى العمل الخيري التطوعي خاصة فئة الشباب لكسب الحسنات وترك بصمة إيجابية في المجتمع.
وتنتشر مؤخرا ظاهرة دخيلة على القيم الاجتماعية الجزائرية وهي استعراض العمل الخيري والتفاخر به عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بالأخص بعض الأسماء المعروفة من المؤثرين.
ويطرح عديد المتابعين مواقع التواصل تساؤلات حول الأسباب التي تدفع هؤلاء المؤثرين إبراز صورهم وهو يقومون بالعمل التطوعي، فهل هو من أجل تحفيز الشباب أو من أجل تلميع صورهم لدى متابعيهم؟
جدل حول صور العمل الخيري للمؤثرين
يختار بعض الأشخاص نشر صور وفيديوهات لهم على مواقع التواصل الاجتماعي وهم يقومون بالمشاركة في أعمال خيرية تطوعية خلال رمضان.
ونشر مؤخرا بعض المؤثرات والمؤثرين الجزائريين صورا لهم وهم ينشطون ضمن جمعيات خيرية رمضانية للمساعدة في توزيع الطعام وتحضيره.
وتلقى المشهورون من هؤلاء المؤثرين انتقادات من طرف بعض المتابعين الذين اتهموهم باستعراض العمل الخيري بشكل علني لكسب المزيد من المشاهدات والحصول على إعجاب الآخرين.
ولم يتقبل الكثيرون فكرة نشر صور يظهر فيها المستفيدون من التبرعات أو من الأعمال الخيرية، واعتبروه رياء واستغلالا لظروفهم من أجل زيادة التفاعل والشهرة.
بينما برّر هؤلاء المؤثرون ومحبيهم موقفهم بمحاولة خلق تأثير إيجابي لدى الشباب ودفعهم للقيام بالتطوع الخيري ومساعدة المحتاجين واستغلال مواقع التواصل الاجتماعي بجعل أنفسهم قدوة لفعل الخير وكسب المتبرعين في شهر الرحمة.
التطوع لكسب المكانة الاجتماعية
ويقول الدكتور في علم الاجتماع العائلي والعمل الاجتماعي وعضو في مخبر الأسرة بجامعة الجزائر 2، الأستاذ الجامعي حليم مصطفى، إن التطوع الخيري هو عمل اجتماعي لديه نوعان من الأهداف، فالهدف الأدنى هو نيل المكانة الاجتماعية ليقال عنه إنسان خيّر.
كما يكسب فاعل الخير، في الجانب الاجتماعي، حقه في طلب المساعدة عندما يحتاجها بحيث يخلق واجب تبادلا للمنفعة الخيرية، حسبما فسره الأخصائي الاجتماعي.
أما الهدف الأسمى للعمل الخيري التطوعي في المجتمع فهو الحصول على رضا الله وكسب الثواب من الحسنات، يضيف الدكتور حليم مصطفى.
وأكد الأستاذ في علم الاجتماع أن في كلتا الحالتين فإن سلوك التضامن الاجتماعي يحقق للفرد نتائج إيجابية اجتماعيا ودينيا.
الوعي لدى الشباب محفز للعمل الخيري
ويحبّذ كثير من الشباب القيام بأعمال تطوعية خيرية خلال شهر رمضان الكريم من خلال جمعيات ومنظمات أو حتى مجموعات شبانية غير رسمية لتقديم المساعدة كإفطار الصائمين من السائقين أو توزيع المعونات أو تحضير الطعام في المطاعم الخيرية.
ويرى الدكتور حليم مصطفى أن العمل التضامني متجذّر في قيم المجتمع الجزائري، مثل سلوك “التويزة” المتوارث من القدم في بعض المناطق من الوطن، إلى جانب تنافس مطاعم الرحمة على من أطعم أكثر من الصائمين وعابري السبيل.
وأشار الأخصائي إلى أن “قفة رمضان” التي توزعها السلطات هي في الأصل موروثة من القيم الاجتماعية والدينية للمجتمع الجزائري.
وأكد الأستاذ في العلوم الاجتماعية بجامعة الجزائر 2، أن اختيار الشباب للعمل الخيري يدل على وعيهم ويسمح لهم بملأ الفراغ بطريقة ممتعة خاصة البطالين منهم، ويمنحهم أجرا مضاعفا بما أنه شهر رمضان، كما يجعلهم يندمجون في المجتمع.
وتدعو عديد الهيئات والجمعيات الخيرية للتطوع في العمل الخيري خلال الشهر الفضيل بتوعية الشباب وتحفيزهم على الانخراط في النشاطات التضامنية.