-

رحيل الأسد: مصير الضباط الفارين بعد سقوط النظام

رحيل الأسد: مصير الضباط الفارين بعد سقوط النظام
(اخر تعديل 2025-01-27 13:38:31 )

في صباح الثامن من ديسمبر 2024، اتجهت طائرة الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد نحو قاعدة حميميم الروسية، هاربة من دمشق بعد أن تمكنت فصائل المعارضة العسكرية من السيطرة على العاصمة. كان هذا اليوم بمثابة نهاية لنظام استمر خمسين عامًا، طغت عليه قبضة أمنية وعسكرية دموية. لكن طائرة الأسد لم تكن الوحيدة التي غادرت، بل تبعتها أعداد كبيرة من المسؤولين وضباط الأمن الذين ارتبطت أسماؤهم بجرائم حرب وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، خاصة في سجن صيدنايا وأماكن أخرى شهدت أبشع صور القمع.

ومع مرور شهرين على سقوط النظام، لا تزال عمليات البحث والتحقيق جارية حول مصير هؤلاء الضباط. ورغم تنفيذ إدارة العمليات العسكرية لحملات أمنية لملاحقة فلول النظام، لم تكشف التصريحات الرسمية سوى عن حالات نادرة لاعتقال ضباط بارزين، مثل اللواء محمد كنجو، المسؤول السابق عن المحاكم الميدانية في سجن صيدنايا.

مناطق الحاضنة الشعبية: ملاذٌ مؤقت للضباط

مع تقدم القوات نحو حماة في ديسمبر الماضي بعد السيطرة على حلب وأرياف إدلب، شهدت المناطق الجبلية، وخصوصًا المحيطة بالقرداحة، موجات نزوح كبيرة. تُعد هذه المناطق الحاضنة الأكبر لضباط النظام وعناصره، حيث أفادت مصادر من المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن العديد من كبار الضباط وجدوا فيها ملاذًا آمنًا بعد انهيار النظام.

ويُشير شهود عيان إلى أن الضباط الفارين كانوا متورطين في جرائم قتل وتعذيب، مما يجعل العثور عليهم مهمة صعبة في ظل توفر بنية تحتية تساعدهم على الاختفاء. وعلى الرغم من الحملات العسكرية، شهدت المواجهات تبادلًا للنيران، مما أسفر عن سقوط ضحايا من الطرفين.

الهروب إلى لبنان وضاحيته الجنوبية

لطالما كان لبنان، وخاصة المناطق الخاضعة لنفوذ حزب الله، وجهة رئيسية للهاربين من المسؤولين السوريين. وقد ذكرت وكالة “أسوشيتد برس” أن عددًا من الضباط عبروا الحدود مستخدمين وثائق مزورة، مما سمح لهم بالدخول إلى لبنان بسهولة. تشير المعلومات إلى دخول نحو ثمانية آلاف سوري إلى لبنان عبر معبر المصنع.

ومن الأحداث البارزة، توقيف حفيدة رفعت الأسد، شمس دريد الأسد، ووالدتها في مطار بيروت الدولي بسبب استخدام وثائق مزورة. ورغم إطلاق سراحهما، فإن هذه الحادثة كشفت عن الأنشطة السرية التي يقوم بها ضباط سابقون.

فلول النظام في مناطق سيطرة “قسد”

لم يقتصر تهريب ضباط النظام السابق على المناطق الغربية، بل انضم ما لا يقل عن 2500 جندي وضابط لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) في شرقي الفرات. وقد حاول هؤلاء الضباط استغلال التوتر بين الفصائل المدعومة من تركيا وقسد.

وجهات أخرى: العراق وشمال أفريقيا

قبل سقوط النظام، لجأ أكثر من 2400 جندي وضابط إلى العراق، حيث تم إعادة نحو ألفين منهم إلى سوريا. كما تم توثيق هبوط طائرة سورية تحمل ضباطًا في بنغازي، مما أثار شكوكًا حول النقلات السرية.

احتمالات إعادة التنظيم والتهديد الأمني

يعتقد المحللون أن قدرة ضباط النظام السابق على إعادة تشكيل كتلة موحدة لمواجهة الإدارة الجديدة محدودة. ومع ذلك، هناك مخاوف من تحول هؤلاء الفارين إلى عصابات مسلحة تثير الفوضى في البلاد، مما يشكل تهديدًا مستمرًا للأمن.

في الختام، تواجه الإدارة السورية الجديدة تحديات خطيرة تتعلق بانتشار ضباط النظام السابق، ومع استمرار العمليات العسكرية، تبقى الأسئلة قائمة حول مصير هؤلاء الضباط الفارين ومدى تعاون الدول المجاورة في تسليمهم.
المتوحش 2 مترجم الحلقة 17