-

الجزائر: قوة الكهرباء في عالم الطاقة

الجزائر: قوة الكهرباء في عالم الطاقة
(اخر تعديل 2025-05-11 01:57:31 )

في زمن تتزايد فيه التحديات المتعلقة بأمن الطاقة على مستوى العالم، تبرز الجزائر كمركز رئيسي في إنتاج الكهرباء. تعزز البلاد مكانتها من خلال بنية تحتية متطورة تضم خمس محطات عملاقة تسهم في تلبية الطلب المحلي المتزايد. هذا الجهد لا يضمن فقط الاستقرار الطاقوي، بل يمهد الطريق أيضًا نحو مزيج طاقة أكثر تنوعًا واستدامة.

محطات الكهرباء الخمس الكبرى

تمثل المحطات الخمس التي تنتج الكهرباء في الجزائر العمود الفقري للقطاع الطاقوي. تمتلك هذه المحطات قدرة إنتاجية إجمالية تصل إلى 6.5 غيغاواط، وهو ما يعادل أكثر من 40% من إجمالي إنتاج الكهرباء في البلاد، وفقًا لتقرير حديث صادر عن منصة الطاقة. تعتمد هذه المحطات على أنظمة الدورة المركبة والتكنولوجيا الحديثة، مما يعزز الكفاءة ويقلل من الانبعاثات البيئية. ومن المثير للاهتمام أن الجزائر تعتمد بنسبة تزيد عن 97% على الغاز الطبيعي في توليد الكهرباء، مما يفسر طبيعة الاستثمارات الحالية في هذا القطاع. كما تركز الحكومة الجزائرية على تطوير مشاريع طاقة ضخمة لمواكبة النمو السكاني والتوسع الصناعي والعمراني، مما يجعل هذه المحطات ضمانًا أساسيًا لاستمرارية تزويد الشبكة الوطنية بالطاقة الكهربائية.

1. محطة بلارة – جيجل

تقع محطة بلارة في ولاية جيجل، في قلب المنطقة الصناعية، وتُعتبر واحدة من أبرز مشاريع الطاقة الحديثة في الجزائر. تصل قدرتها الإنتاجية إلى 1600 ميغاواط، وتعمل باستخدام نظام الدورة المركبة الذي يعزز الكفاءة. انطلقت أعمال بناء المحطة في عام 2013 كجزء من برنامج طارئ أطلقته شركة سونلغاز لتلبية الطلب المتزايد على الطاقة. وقد تم الانتهاء من إنشائها بتكلفة بلغت 800 مليون دولار، على مساحة 2.5 هكتار. تستمد المحطة طاقتها من الغاز الطبيعي المستخرج محليًا، وتُغذي الشبكة الوطنية عبر خطوط جهد 400 كيلوفولت. تسهم محطة بلارة بشكل كبير في استقرار التزويد الكهربائي في شرق البلاد.

2. محطة حجرة النص – تيبازة

تُعتبر محطة حجرة النص الثانية من حيث القدرة الإنتاجية، حيث تصل قدرتها إلى 1227 ميغاواط. بدأت المحطة العمل التجاري في عام 2009، وحققت منذ ذلك الحين مساهمة كبيرة في تغطية 10% من إجمالي الإنتاج. تتكون المحطة من 3 خطوط إنتاج بطاقة 400 ميغاواط لكل خط، وتعمل جميعها بتقنية الدورة المركبة. تم تجهيز المحطة بتوربينات حديثة من نوع 9F 3 من شركة جنرال إلكتريك الأمريكية. تعتمد المحطة بشكل رئيسي على الغاز الطبيعي مع خيار احتياطي للنفط المقطر، وتعمل بموجب عقد شراكة مدته 20 سنة مع شركة سونلغاز.

3. محطة رأس جنات – بومرداس

تُعد محطة رأس جنات من أحدث المشاريع الكهربائية في الجزائر، بقدرة إنتاجية تصل إلى 1200 ميغاواط. تولت شركة دايو الكورية الجنوبية بناء المحطة، رغم التحديات العديدة التي واجهتها. بدأت أعمال البناء في أواخر 2012، لكنها واجهت تأخيرات بسبب جائحة كورونا والصعوبات في البناء. استغرقت مدة الإنجاز نحو 10 سنوات، وتعتمد المحطة على 3 وحدات إنتاج تستخدم تقنية الدورة المركبة الغازية-البخارية. كما تتضمن تجهيزات بيئية متقدمة، مثل تحلية مياه البحر وإنتاج الهيدروجين لتبريد المولدات.

4. محطة تارقة – عين تيموشنت

تُصنف محطة تارقة ضمن أكبر مشاريع الكهرباء في غرب الجزائر، بقدرة 1200 ميغاواط. دُشّنت المحطة رسميًا في ديسمبر 2013 بتكلفة وصلت إلى 1.9 مليار دولار. تتميز بتقنية الدورة المركبة، التي تُمكّن من إعادة استغلال الحرارة لإنتاج بخار إضافي، مما يسهم في رفع الكفاءة وتقليل استهلاك الغاز. تعتبر هذه المحطة من المشاريع الناجحة التي عززت من قدرة التغطية الطاقوية في المنطقة الغربية.

5. محطة كدية الدراوش – الطارف

تمثل محطة كدية الدراوش آخر حلقة في سلسلة المحطات العملاقة، وقد بدأت العمل عام 2012. تبلغ قدرتها الإنتاجية 1200 ميغاواط، وتُدار بالكامل من طرف سونلغاز. تلعب المحطة دورًا محوريًا في تغذية الشبكة الوطنية، خصوصًا في الجهة الشرقية، وتأتي ضمن خطة استراتيجية لتوسيع قدرة الإنتاج ومواجهة الطلب الموسمي المرتفع.
بارينيتي الحلقة 26

الأهمية الإستراتيجية للمحطات الخمس

تشكل هذه المحطات الخمس دعامة مركزية لرؤية الجزائر في تحقيق الاكتفاء الطاقوي. ومع تزايد الضغط على الشبكة، تعكف السلطات على تطوير مشاريع جديدة أكثر كفاءة واستدامة. ورغم الاعتماد الكبير على الغاز، تسعى الجزائر لتنويع مصادرها من الكهرباء، حيث تشمل البدائل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وذلك لتقليل الانبعاثات وتعزيز الأمن الطاقوي. ستظل هذه المنشآت الكبرى عنصرًا أساسيًا في دعم النمو الاقتصادي والصناعي في البلاد.