مبادرة شبابية لتوحيد الروابط الإنسانية

في خضم التوترات السياسية التي تشهدها العلاقات بين المغرب والجزائر، ظهرت مبادرة شبابية تحمل في طياتها روح الإنسانية وتعيد الأمل في الروابط القوية التي تجمع بين شعبي البلدين. فقد أطلق نشطاء دعوة للإفطار الجماعي على الحدود بين الدولتين، والتي لاقت تفاعلًا كبيرًا على منصات التواصل الاجتماعي، حيث قدمت صورة مؤثرة للعائلات المنقسمة والمشتتة بسبب إغلاق الحدود.
بداية القصة.. دعوة من الجانب الجزائري
بدأت القصة عندما قام اليوتيوبر المغربي الشهير، صابر الشاوني، الذي يلتقط لحظات الإفطار في مختلف مدن المغرب خلال شهر رمضان، بتخصيص اليوم الثامن عشر من الشهر الكريم لتجربة فريدة. فقد تلقى دعوة من شاب جزائري يُدعى زكرياء للإفطار على الحدود، وتحديدًا بين مدينة أحفير المغربية وقرية بوكانون الجزائرية.
ما زاد من خصوصية هذه الدعوة هو أن زكرياء ينتمي لعائلة مختلطة، حيث والدته جزائرية ووالده مغربي. ورغم أنه يعيش في الجزائر مع زوجته المغربية، فإن بقية عائلته تعيش في المغرب. هذا الوضع جعله يشعر بوطأة الفراق، حيث قال بحسرة: "أراهم من هذه النقطة، لا يفصلني عنهم سوى 100 متر، ومع ذلك، لا يمكننا العناق."
لقاء بلا حدود.. لكن بحاجز من الأسلاك
استجاب صابر الشاوني للدعوة وسافر إلى مدينة أحفير، التي تفصلها عن قرية بوكانون الجزائرية مسافة لا تتجاوز 500 متر. وعند وصوله، التقى بأخ زكرياء، إلياس، الذي يعيش في المغرب. كانت تلك لحظة غامرة بالمشاعر الإنسانية، حيث جلس كل طرف على جانبي الحدود، يتناولان الإفطار مع رؤية بعضهما البعض، لكن دون إمكانية اللقاء الفعلي بسبب الحاجز الحدودي.
ابو البنات الحلقة 22
تلك اللحظة كانت مزيجًا من الفرح لرؤية الأحبة والحزن لعدم القدرة على الاجتماع حول مائدة واحدة. وتم توثيق هذا المشهد بالفيديو ولاقى انتشارًا واسعًا، حيث اعتبره الكثيرون تجسيدًا لمأساة آلاف العائلات التي تعيش الانقسام منذ إغلاق الحدود عام 1994.
بالفعل، الحدود تفرقنا ورمضان يجمعنا. #فيديو وتحية ل #صابر_الشاوني
تفاعل واسع ورسائل محبة وسلام
المشهد الإنساني حظي بتفاعل كبير من المغاربة والجزائريين عبر منصات التواصل الاجتماعي، حيث عبر العديد عن تأثرهم بهذا اللقاء، مؤكدين أن الروابط الأسرية والشعبية بين البلدين أقوى من أي توترات سياسية. واعتبر كثيرون أن هذه المبادرة البسيطة تعكس رغبة الشعبين في إعادة فتح الحدود واستعادة العلاقات الطبيعية.
كانت التعليقات على الفيديو مليئة بالمشاعر، حيث كتب أحد المغردين: "السياسة تفرقنا لكن الدم يجمعنا، هذه الصورة تلخص كل شيء."، بينما قال آخر: "نحن إخوة مهما حاولوا فصلنا، يوماً ما سنكسر هذه الحواجز."
الحدود.. قصة ألم مستمرة
منذ إغلاق الحدود بين المغرب والجزائر عام 1994، تعيش آلاف العائلات في حالة من الانفصال القسري، حيث لا يتمكن العديد من الأقارب من زيارة بعضهم البعض إلا عبر دول أخرى، مما يزيد من تكلفة السفر ومعاناة اللقاءات النادرة. وعلى الرغم من أن المبادرات الشعبية مثل الإفطار الرمضاني لا تغير الواقع السياسي، فإنها تظل شهادة حية على أن المشاعر الأخوية تبقى موجودة، رغم القيود الجغرافية والسياسية.