-

هجرة غير مسبوقة من إسرائيل في 2024

(اخر تعديل 2024-10-16 00:38:46 )

في تطور لافت، كشفت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية عن ظاهرة هجرة غير مسبوقة من دولة الاحتلال، حيث غادر البلاد 40,600 شخص خلال الأشهر السبعة الأولى من عام 2024. هذا الرقم يعكس زيادة بمعدل 2,200 شخص شهريًا مقارنة بعام 2023، مما يشكل تحديًا كبيرًا لـ"إسرائيل" على المدى البعيد.

تظهر الأرقام المقلقة حجم الضرر الذي تلحقه هذه الهجرة الجماعية بـ"إسرائيل"، حتى في المناطق البعيدة عن مناطق الصراع في الشمال والجنوب. وقد اعتمد مكتب الإحصاء المركزي "الإسرائيلي" معايير دولية جديدة لقياس الهجرة، مما يعطي صورة أكثر دقة عن حجم هذه الظاهرة.

في عام 2023، سجلت "إسرائيل" رقمًا قياسيًا في عدد المهاجرين، حيث بلغ 55,400 شخص، وهو ما يفوق بكثير المتوسط السنوي البالغ 37,100 شخص خلال العقد السابق. ورغم عودة 27,800 إسرائيلي في العام نفسه بعد فترات طويلة في الخارج، إلا أن الفارق بين المغادرين والعائدين لا يزال كبيرًا ومقلقًا للمحتلين.

توزيع المهاجرين حسب المناطق

تظهر البيانات أن المناطق الأكثر ثراءً في إسرائيل، مثل تل أبيب والمنطقة الوسطى، تساهم بنسبة 39% من إجمالي المهاجرين. تليها منطقة حيفا والشمال بنسبة 28%، والجنوب بنسبة 15%. حتى القدس، التي تعتبر تحديًا رمزيًا لدولة الاحتلال، ساهمت بنسبة 13% من المهاجرين، بينما شكلت مستوطنات الضفة الغربية 5% من إجمالي المهاجرين.

زيادة ملحوظة خلال فصل الصيف

ومن المثير للاهتمام أن معدلات الهجرة ارتفعت بشكل ملحوظ خلال فصل الصيف. ففي حين غادر 5,200 شخص شهريًا في المتوسط خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام، ارتفع هذا العدد إلى 7,300 شخص في شهري يونيو ويوليو. وفي أغسطس، عاد 20,500 "إسرائيلي" ممن يقيمون عادة في الخارج للزيارة، مما يشير إلى وجود جالية كبيرة من "الإسرائيليين" في الخارج.

تركيبة المهاجرين

الشباب في صدارة الهاربين

ومما يزيد من خطورة الوضع بالنسبة للمحتلين أن نسبة كبيرة من المهاجرين هم من الشباب. فقد بلغ متوسط أعمار الرجال المهاجرين 31.6 عامًا، بينما بلغ متوسط أعمار النساء 32.5 عامًا. وشكل من هم في العشرينيات والثلاثينيات من العمر 40% من المهاجرين، على الرغم من أنهم يمثلون حوالي 27% فقط من إجمالي السكان. وهذا يعني أن إسرائيل تخسر قوى عاملة شابة ومؤهلة في سن حرجة، حيث يدخل الكثيرون منهم سوق العمل أو يتابعون دراستهم العليا.

العزاب والمهاجرون

ومن اللافت للنظر أن نسبة كبيرة من المهاجرين هم من العزاب، حيث شكلوا 48% من الرجال و45% من النساء المهاجرين. كما أن 41% من المهاجرين غادروا مع شركاء حياتهم، مما يعزز الانطباع بأن كثيرين منهم يهاجرون بشكل نهائي ولا ينوون العودة.

المجتمعات المهاجرة

وفي تحليل مثير للاهتمام، أشارت الصحيفة إلى أن المسيحيين غير العرب، ومعظمهم من المهاجرين القادمين من دول الاتحاد السوفيتي السابق، شكلوا 32.4% من المهاجرين في عام 2023، على الرغم من أنهم لا يمثلون سوى 4.9% من إجمالي السكان. في المقابل، ساهم المسلمون والمسيحيون العرب بنسبة أقل في موجة الهجرة، حيث لم يمثلوا سوى 6.2% من المهاجرين رغم أنهم يشكلون 21.3% من سكان إسرائيل.

تساؤلات حول المستقبل

هذه الأرقام تثير تساؤلات عميقة حول مستقبل "إسرائيل" وقدرتها على الاحتفاظ بـ "مواطنيها"، لاسيما الشباب والمؤهلين منهم. فالهجرة بهذه الأعداد الكبيرة تعني خسارة رأس المال البشري والفكري، وهو ما قد يؤثر سلبًا على الاقتصاد والابتكار والقدرة التنافسية للدولة على المدى الطويل، ناهيك عن فقدان الثقة في "مشروع الدولة".

أسباب الهجرة

كما تطرح هذه الظاهرة أسئلة حول الأسباب الكامنة وراء قرار الكثيرين بمغادرة "إسرائيل". هل هي مخاوف أمنية مرتبطة بالصراعات المستمرة؟ أم أنها أسباب اقتصادية تتعلق بارتفاع تكاليف المعيشة وصعوبة الحصول على فرص عمل مجزية؟ أم أن هناك عوامل اجتماعية وسياسية أخرى تدفع الناس للبحث عن حياة أفضل خارج البلاد؟

الإجراءات المحتملة

في ظل هذه التحديات، يبدو أن الحكومة الإسرائيلية ستسعى لاتخاذ إجراءات عاجلة لمعالجة الأسباب الجذرية لهذه الهجرة الجماعية. قد يتطلب ذلك إعادة النظر في السياسات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية، وتحسين جودة الحياة، وخلق فرص عمل جذابة للشباب، بالإضافة إلى معالجة القضايا الأمنية والسياسية التي قد تكون سببًا في دفع الناس للمغادرة.

الخاتمة

في النهاية، تبقى هذه الأرقام مؤشرًا واضحًا لفقدان الثقة من طرف المهاجرين في دولة الاحتلال. فمستقبل الدولة يعتمد بشكل كبير على قدرتها على الاحتفاظ بالمستوطنين المحتلين وجذب المزيد من المهاجرين اليهود من الخارج. وما لم يتم التعامل مع هذه الظاهرة، فإن "الخروج العظيم" قادم وقد يشكل تحديًا وجوديًا لـ"إسرائيل".


حياة قلبي 6 الحلقة 64