-

فهم آية السيف في القرآن بعمق

(اخر تعديل 2024-09-14 09:07:26 )

مقدمة حول آية السيف

آية السيف هو مصطلح يستخدمه بعض علماء التفسير للإشارة إلى الآية الخامسة من سورة التوبة، والتي جاء فيها:

﴿فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [التوبة:5]

التفسير والسياق

تُعتبر هذه الآية واحدة من الآيات التي استشهد بها نقاد الإسلام للإيحاء بأن الدين يشجع على العنف ضد ما يُعرف بالـ«وثنيين» أو المشركين. وغالبًا ما يتم اقتباس جزء من الآية، مثل "فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ" دون مراعاة السياق الكامل. في الواقع، يتضمن السياق قيودًا واضحة تحظر القتل غير المبرر، كما تشير الآية التالية:

﴿وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [التوبة:6]

آراء العلماء

لقد أوضح العلماء، رحمة الله عليهم، أن هذه الآية تعتبر ناسخة للآيات السابقة التي تدعو إلى الصفح والعفو عن المشركين، وكذلك الآيات التي تدعو إلى الكف عن قتال من لم يقاتل. ويعتبرون أن آية السيف هي آية القتال والجهاد، التي تحث المؤمنين على الاستعداد والتضحية في سبيل الله.

وأشار العلماء إلى أن الغرض من القتال هو دعوة غير المؤمنين إلى الدخول في دين الله والتوبة من شركهم، ليتسنى لهم إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة. وإذا ما قاموا بذلك، فإنهم قد عصموا دماءهم وأموالهم بموجب حق الإسلام.

تأصيل الفهم

لقد اتفق المفسرون على أن هذه الآية وما يشابهها من آيات تعتبر ناسخة للآيات السابقة التي تدعو إلى العفو، مثل قوله تعالى في سورة الأنفال:

وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ

كما ورد في سورة براءة:

وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ

إضافة إلى ذلك، تتحدث الآيات عن قتال الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر، ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله، وذلك حتى يُعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون.
الكنة مدبلج الحلقة 30