-

فهم اكتئاب ما بعد الولادة: دليل شامل

(اخر تعديل 2024-09-11 15:01:07 )

تُعتبر تجربة الإنجاب (الولادة) واحدة من أبرز اللحظات في حياة الأمهات، حيث تمثل مزيجًا من الفرح والقلق والتحديات. إن الجهد البدني والنفسي المصاحب للولادة، سواء كانت طبيعية أو قيصرية، يكون واضحًا بشكل خاص خلال الأيام الأولى التي تليها. بالإضافة إلى المشاعر القوية التي ترافق اللحظة، قد تشعر الأم بتغيرات في جسدها وأفكارها، مما ينعكس على حالتها المزاجية، حيث يمكن أن يتجلى ذلك في البكاء، القلق، والانفعالات المفرطة. تُعرف هذه التجارب في بعض الأحيان باكتئاب ما بعد الولادة أو "سوداوية الأمومة".

اكتئاب ما بعد الولادة

تختلف شدة المشاعر التي تعاني منها الأمهات بعد الولادة، إذ تُظهر الدراسات أن 50% إلى 70% من النساء يعانين من مشاعر غير مريحة بين اليوم الرابع والعاشر بعد الولادة. تعتبر هذه الحالة طبيعية وسهلة التعامل معها. تشمل الأعراض الأخرى مثل التململ، الصداع، النسيان، اضطرابات النوم، والأفكار السلبية تجاه المولود. غالبًا ما تحتاج هذه الحالة إلى دعم وراحة من العائلة والأصدقاء بدلاً من العلاج الطبي.

ومع ذلك، هناك نسبة تتراوح بين 8% و12% من النساء اللواتي يعانين من حالة أكثر خطورة تُعرف باكتئاب ما بعد الولادة، والتي تتسم بانخفاض المزاج، اللامبالاة، اضطرابات في الشهية والنوم، شعور بالتعب أو الخمول، وصعوبات في التركيز. في الحالات الأكثر حدة، قد تظهر أعراض أخرى معقدة تتطلب عناية خاصة.

يُعتبر اكتئاب ما بعد الولادة (Postpartum psychosis) من أخطر أنواع هذا الاضطراب، حيث قد يتجلى على شكل أعراض مشابهة للفصام أو الاضطراب ثنائي القطب. في حالة ظهور أفكار انتحارية أو محاولات لإيذاء الطفل، من الضروري الحصول على استشارة نفسية فورية.

أعراض اكتئاب ما بعد الولادة

تشمل الأعراض الشائعة لاكتئاب ما بعد الولادة: تدهور المزاج، اللامبالاة، اضطرابات في النوم، وزيادة الانفعال. إذا كان الاكتئاب عميقًا، فقد تظهر مؤشرات على أفكار انتحارية، وقد تحدث هذه الأعراض عادةً خلال الأشهر الثلاثة الأولى بعد الولادة.

في الحالات الأكثر خطورة، قد تعاني المرأة من البلبلة وفقدان الاتصال بالواقع، مما قد يؤدي إلى إيذاء النفس أو الطفل.

أسباب وعوامل خطر اكتئاب ما بعد الولادة

تظهر الأعراض غالبًا نتيجة لانخفاض مستويات الهرمونات بعد الولادة، وخاصة لدى النساء اللاتي عانين من الاكتئاب سابقًا. يمكن أن تتضمن الأسباب المحتملة: القلق، التوتر، تاريخ عائلي من الاكتئاب، وقصور الغدة الدرقية. ليس هناك علاقة واضحة بين اكتئاب ما بعد الولادة وبين مستوى التعليم، جنس المولود، أو طريقة الولادة.

تشخيص اكتئاب ما بعد الولادة

يعتمد تشخيص الحالة على حوار مع المرأة لفهم مشاعرها تجاه نفسها والمولود. يمكن استخدام استبيانات لتحديد المخاوف بشأن إيذاء الذات، اللامبالاة، وصعوبات التواصل.
زهور الدم الحلقة 89

علاج اكتئاب ما بعد الولادة

يمكن معالجة اكتئاب ما بعد الولادة بالأدوية النفسية، حيث يتم اختيار الدواء بناءً على أمانه واحتياجات الأم للرضاعة. يُنصح بالبدء بجرعة منخفضة وزيادتها تدريجيًا، مع الاستمرار في العلاج لمدة 6 أشهر. إذا لم تتحسن الحالة، يُفضل استشارة طبيب نفسي.

تعتبر الأدوية مثل لوسترال من الخيارات الموصى بها خلال فترة الرضاعة، بينما يمكن أيضًا استخدام مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين.

الوقاية من اكتئاب ما بعد الولادة

من بين كل أربع نساء تصاب بالاكتئاب بعد الولادة، قد تعاني واحدة على الأقل من انتكاسة. للتقليل من خطر تكرار الاكتئاب، يُنصح بتناول دواء فعال أو مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين.