السرطان هو مرض قديم عُرف منذ العصور البعيدة. يقال إن الطبيب اليوناني أبقراط هو من أطلق على الأورام اسم "كاركينوس" و"كاركينوما"، حيث شبه هذه الأورام بأرجل سرطان البحر. هذه المقارنة ليست عشوائية، فبعض الأورام تتخذ شكلًا يشبه الأرجل.
على المستوى البيولوجي، يُعرّف السرطان بأنه نتيجة لخلل يحدث في خلايا معينة بالجسم، مما يؤدي إلى تكاثرها بشكل غير منظم. تبدأ هذه الخلايا بالانقسام بطريقة فوضوية، حيث تنتشر في الأنسجة المحيطة وتكوّن النقائل.
ومن المهم أن نلاحظ أن مصطلح "سرطان" يشير إلى مجموعة متنوعة من الأمراض، مما يعني أنه من الأنسب استخدام صيغة الجمع "السرطانات" عند الحديث عنها.
تتكون الكائنات الحية، سواء كانت نباتات أو حيوانات، من خلايا دقيقة. تحتوي هذه الخلايا على جينات تحمل المعلومات اللازمة لوظائفها وتحديد خصائصها. كل خلية تتكاثر، ومن ثم تموت، حيث تُورث الجينات إلى الخلايا الجديدة.
الطائر الرفراف الحلقة 75
لكن أحياناً يحدث اختلال في بعض الجينات، ما يؤدي إلى تصرف الخلايا بشكل غير طبيعي. وفي بعض الأحيان، لا تتمكن هذه الخلايا من إصلاح الخلل، مما يؤدي إلى تحويلها إلى خلايا سرطانية. هذه الخلايا تُنتج خلايا غير طبيعية تتكاثر بشكل مفرط، مما يؤدي إلى تكوين كتلة تُعرف بالورم الخبيث.
الخلية تُعتبر الوحدة الأساسية لأي كائن حي، حيث يتكون الجسم البشري من مليارات الخلايا. هي بمثابة مصنع صغير يحتوي على أنظمة تصنيع، تخزين، نقل، وحتى أنظمة اتصالات خاصة بها.
تسمح هذه الأنظمة للخلية بالتطور، التخصص، والتقاسم، بالإضافة إلى الموت بطريقة مُنظمة. الخلية تتكون من غشاء يحيط بمادة هلامية تُعرف بالسيتوبلازم، حيث يقع النواة التي تحتوي على المعلومات الجينية.
تحتوي النواة على 23 زوجًا من الكروموسومات، وكل كروموسوم يتكون من بروتينات وجزيئات الحمض النووي، والذي يتواجد على شكل حلزون مزدوج. الجينات تمثل أجزاء صغيرة من هذه السلسلة، وهي تحتوي على التعليمات اللازمة لعمل الخلايا بشكل سليم.
يحتوي جسم الإنسان على حوالي 100 ترليون خلية، وتعمل هذه الخلايا في حالة من التوازن المستمر بين إنتاج خلايا جديدة وتدمير الخلايا القديمة.
تتكون دورة حياة الخلية من مزيج من المراحل التي تشمل النمو والانقسام، مما يؤدي إلى إنتاج خلايا جديدة. تُقسم الخلايا عادةً عبر عملية تُعرف بالانقسام، حيث تتكاثر الخلية الأم إلى خليتين ابنتين متطابقتين.
كل مرحلة من دورة الخلية تحتوي على نقاط تفتيش للتحقق من سير العملية بشكل سليم. إذا تم اكتشاف أي خطأ، يمكن أن تُصلح الخلية نفسها أو تدمّر ذاتيًا. لكن إذا لم يتم إصلاحها، فإن تراكم الأخطاء يمكن أن يؤدي إلى السرطان.
يُعتقد أن حوالي عشرة طفرات جينية مطلوبة لبدء ظهور السرطان. وتحدث هذه الطفرات خلال عملية تكرار الحمض النووي، مما يؤدي إلى مشاكل في الخلايا.
الطفرات يمكن أن تكون نتيجة للصدفة أو التعرض لعوامل خطر. يمكن أن تكون هذه الطفرات بسيطة تؤدي إلى تغييرات طفيفة، أو يمكن أن تكون أكثر تعقيدًا، مثل فقدان أجزاء من الكروموسومات.
تم تحديد ثلاث فئات من الجينات التي يمكن أن تلعب دورًا في ظهور السرطان:
تتكون مراحل تطور السرطان من البدء، التعزيز، والتقدم. يبدأ التحول بضرر كبير في الحمض النووي، مما يؤدي إلى تحول الخلية. ثم تتكاثر هذه الخلية بشكل غير منظم، مما يؤدي إلى تكوين ورم سرطاني.
تتميز الخلايا السرطانية بالاستقلالية عن الإشارات التي تنظم نموها وانقسامها، بالإضافة إلى قدرتها على الهروب من الموت المبرمج.
تستطيع الخلايا السرطانية تكوين أوعية دموية جديدة لتغذية الورم. بدون الإمداد بالدم، لا يمكن للورم أن ينمو. كما تستطيع الخلايا السرطانية التسلل إلى الأنسجة السليمة المجاورة.
يتكون الجهاز المناعي من مجموعة من الخلايا والأعضاء التي تساعد في محاربة الأجسام الغريبة. تعمل هذه الآليات على التعرف على الخلايا السرطانية والتفاعل ضدها.
تتكون الشبكة اللمفاوية من قنوات تحمل اللمف، الذي يحتوي على خلايا الجهاز المناعي. الغدد الليمفاوية تلعب دورًا حيويًا في تصفية المواد الضارة.
هناك أنواع عديدة من السرطان، تختلف حسب الأنسجة التي تنشأ منها. يمكن تصنيفها إلى سرطانات خارجية وسرطانات الأنسجة وسرطانات دموية.
تحديد نوع السرطان يعتمد على الفحص المرضي للأنسجة. يُعتبر هذا الفحص أمرًا حيويًا لتحديد نوع السرطان وتوجيه الاستراتيجيات العلاجية.
يمكن أن تساعد الوقاية في تقليل خطر الإصابة بالسرطان. تشمل الطرق: