-

تحولات العلاقات الفرنسية الجزائرية

(اخر تعديل 2025-04-07 11:00:48 )

تشهد العلاقات بين فرنسا والجزائر تحولًا ملحوظًا بعد فترة من التوتر السياسي والدبلوماسي الذي استمر لعدة أشهر. ومع إعلان السلطات الفرنسية عن "عودة الأمور إلى طبيعتها"، برزت خلافات داخلية واضحة ضمن المشهد السياسي الفرنسي حول كيفية التعامل مع الجزائر.

باريس تغيّر لهجتها

عندما أعلن وزير الخارجية الفرنسي جان-نويل بارو أن العلاقات بين بلاده والجزائر عادت إلى طبيعتها، كان رد الفعل في الساحة السياسية الفرنسية منقسمًا. فبينما استقبل البعض هذه المصالحة بالتفاؤل، شنّ اليمين المتطرف هجومًا حادًا، معبرًا عن استيائه مما اعتبره "استسلامًا للإملاءات الجزائرية".

وفي تعليق له على زيارة وزير الخارجية، أعرب لوران فوكيي، رئيس حزب "الجمهوريون"، عن أسفه، مشيرًا إلى أن العودة للعلاقات دون تحقيق الشروط التي وضعها اليمين المتطرف تمثل إهانة وذل.
البراعم الحمراء مترجم الحلقة 44

وأضاف فوكيي: "فرنسا عمليًا استسلمت للجزائر". وأكد على أهمية أن تلتزم الحكومة الجزائرية قبل أي استئناف للحوار، بما يضمن احترام فرنسا في هذا السياق.

روتايو خارج الحسابات

في وقت كان وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو يروج لخيار "القبضة الحديدية" في إدارة الأزمة مع الجزائر، وجد نفسه خارج المعادلة. فقد أعلن فوكيي سابقًا أنهم كانوا يتظاهرون لأسابيع بإقامة عرض قوة مع الجزائر، بينما تراجع روتايو عن تهديداته بالاستقالة عندما لم يتم اعتماد هذا الخيار.

في محاولة لإعادة تأكيد دوره، صرح روتايو عبر قناة "فرانس 2": "أنا لا زلت حاضرًا في الملف"، رغم أن الأضواء قد ابتعدت عنه فعليًا. كما سخرت صحيفة "لوباريزيان" من هذا التحول، مشيرةً إلى أن برونو روتايو لن يتوجه إلى الجزائر، بل وزير الخارجية هو من سيتولى ذلك.

الجزائر تفرض توازنًا جديدًا

من جانبه، أكد وزير الخارجية جان-نويل بارو أن فرنسا تعيد تفعيل جميع آليات التعاون مع الجزائر في مجالات متعددة. حيث قال: "نحن نعيد الأمور إلى طبيعتها، وكما قال الرئيس تبون: الستار قد أُسدل على الخلافات".

كما أعلن بارو عن زيارة مرتقبة لروتايو إلى الجزائر لاستئناف التعاون القضائي، وهي خطوة تُعتبر محاولة لترميم صورة الحكومة الفرنسية. ومع ذلك، يرى المراقبون أن الملف انتقل إلى يد شخصيات أكثر مرونة، مما يعكس تغير التوازنات داخل الحكومة الفرنسية.

من المهم الإشارة إلى أن الجزائر تظل متمسكة بمواقفها الثابتة، مؤكدةً على عدم المساس بسيادتها الوطنية. ومع مرور الوقت، أصبح واضحًا أن باريس تتعامل مع الجزائر كطرف لا يمكن تجاوزه، سواء في مجالات الطاقة أو الهجرة أو التعاون الأمني.