خطورة فوضى الفتاوى على المجتمع والدين
أصبح الإنترنت اليوم منصة فعالة تتيح للعديد من الأفراد التعبير عن آرائهم ومشاركة أفكارهم، إلا أن هذا الانفتاح لم يكن خاليًا من المخاطر. فقد ظهر عدد من صانعي المحتوى الذين يتخذون من السوشيال ميديا منبرًا للإفتاء في الأمور الدينية، رغم أنهم يفتقرون إلى المؤهلات اللازمة. هذه الظاهرة باتت تمثل تهديدًا حقيقيًا للمرجعية الدينية، مما دفع العديد من الجهات الرسمية إلى التحرك لمواجهة هذه المشكلة.
تحذيرات البرلمان من فوضى الفتاوى
في إطار الجهود الرامية إلى تنظيم عملية الإفتاء، أبدى نائب رئيس المجلس الشعبي الوطني، سليمان زرقاني، قلقه بشأن هذه الظاهرة. فقد طرح سؤالًا برلمانيًا لوزير الشؤون الدينية حول الإجراءات المتخذة من قبل الوزارة لحماية المرجعية الدينية ومنع الاعتداء على اختصاصات الهيئات الرسمية. صرح زرقاني بأن هناك حاجة ملحة لتعزيز الوعي المجتمعي بضرورة الرجوع إلى المؤسسات الدينية المعتمدة، خصوصًا في ظل الانتشار الواسع للفتاوى المشبوهة.
تأثير الفتاوى الإلكترونية على المجتمع
تزامنت هذه الظاهرة مع الأعياد مثل عيد الفطر، حيث قام بعض صانعي المحتوى بنشر فتاوى عبر منصات مثل "تيك توك" و"فيسبوك". هذه الفتاوى، التي وصفها زرقاني بـ"فتاوى الفوضى"، تشكل تهديدًا للمرجعية الدينية الوطنية. إذ أن أي شخص يمتلك حسابًا على وسائل التواصل الاجتماعي أصبح يُعتبر مفتياً، مما يساهم في انتشار الفتاوى الوافدة والفوضى.
الفتاوى المستوردة: خطر متزايد
أشار زرقاني إلى أن الفتاوى المستوردة، التي تأتي من خارج الإطار المؤسسي الجزائر، غالبًا ما تكون مرتبطة بأجندات سياسية أو فكرية لا تعكس قيم المجتمع الجزائري. هذه الفتاوى ليست فقط بعيدة عن المذهب المالكي الذي تتبناه الجزائر، بل يمكن أن تروج لأفكار متطرفة تهدد استقرار المجتمع.
التحديات التي تواجه المؤسسات الدينية
على الرغم من الجهود التي تبذلها وزارة الشؤون الدينية، إلا أن زرقاني يرى أن هذه الجهود غير كافية لمواجهة التحديات الرقمية المتزايدة. يجب على الوزارة تعزيز آليات الرقابة والتدابير الوقائية لمواجهة الفتاوى الإلكترونية التي تزداد انتشارًا. كما أن إنشاء وحدات متخصصة لرصد المحتوى المخالف يُعتبر خطوة ضرورية.
وزير الشؤون الدينية: دورنا حيوي
في سياق متصل، أكد وزير الشؤون الدينية، يوسف بلمهدي، خلال ملتقى حول تعزيز المرجعية الدينية، على أهمية الفتوى كوسيلة للحفاظ على الهوية الوطنية. وشدد على ضرورة التعامل بجدية مع الفتاوى الشاذة التي تستهدف زعزعة الأمن والاستقرار.
التعاون مع المؤسسات العلمية
أوضح بلمهدي أن هناك تأطيرًا مؤسسيًا وعلميًا في مجال الفتوى، حيث تضم اللجنة الوزارية للفتوى مجموعة من كبار العلماء ورؤساء المجالس العلمية. هذا التعاون يُعتبر جزءًا من الجهود الرامية إلى حماية المرجعية الدينية وتعزيز الفتوى الصحيحة.
خفايا القلوب 5 الحلقة 55
ختامًا، لا بد من الإشارة إلى أن التعامل مع فوضى الفتاوى يتطلب تضافر الجهود بين مؤسسات الدولة والمجتمع المدني والجهات المعنية، لضمان الحفاظ على الهوية الدينية والوطنية في مواجهة التحديات المتزايدة.