-

أسرار بوشوارب: من السلطة إلى المحاكم

(اخر تعديل 2024-09-19 15:00:39 )

طلب غريب من وزير الصناعة السابق

في يوم أمس، تقدم عبد السلام بوشوارب، وزير الصناعة الجزائري السابق، بطلب إلى القضاء الفرنسي لرفض تسليمه إلى الجزائر. يأتي هذا الطلب في ظل صدور أحكام غيابية بحقه بالسجن خمس مرات، حيث حُكم عليه في كل مرة بعشرين سنة بسبب تهم فساد خطيرة. الأمر يبدو وكأن قصة من روايات الجريمة تتكشف أمام أعيننا.

محكمة الاستئناف في انتظار القرار

وكما أفادت وكالة الأنباء الفرنسية، فقد حددت محكمة الاستئناف في إيكس-أن-بروفانس موعدًا للنطق بالحكم في 9 أكتوبر المقبل، بعد أن تقدمت السلطات الجزائرية بطلب رسمي لترحيل بوشوارب. يبدو أن الأمور تتجه نحو تصعيد مثير بين الدولتين.

معركة قانونية مشوقة

محامي بوشوارب، بنجامين بوهبوت، يثير الجدل من خلال مناشدته القضاء الفرنسي بعدم الموافقة على ترحيله، مدعيًا أن الأحكام الصادرة بحقه لا تتماشى مع المعايير الدولية. كما أشار إلى أن الملاحقات القضائية التي يتعرض لها بوشوارب هي جزء من “تصفيات سياسية” تهدف إلى “تطهير البلاد” من آثار حكم بوتفليقة. هل بالفعل هي تصفية سياسية، أم أن الأمور تتعلق بفساد حقيقي؟

في نفس الإطار، طلبت النيابة العامة تأجيل القرار، على أمل توحيد معالجة جميع طلبات التسليم في جلسة واحدة. يبدو أن الأمور معقدة أكثر مما نتصور.

مسيرة بوشوارب السياسية

عبد السلام بوشوارب، الذي كان نائبًا في المجلس الشعبي الوطني عن حزب التجمع الوطني الديمقراطي، ثم وزير الصناعة والمناجم بين أبريل 2014 ومايو 2017، شهدت مسيرته السياسية صعودًا ملحوظًا في عهد الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة، الذي استقال تحت ضغط الحراك الشعبي في أبريل 2019. لكن بعد سقوط النظام، انطلقت حملة واسعة لمكافحة الفساد، مستهدفة العديد من الوزراء ورجال الأعمال.

أحكام غيابية متعددة

الآن، تتعامل المحكمة الفرنسية مع ثمانية طلبات تسليم من الجزائر. ثلاثة من هذه الطلبات تتعلق بفتح ملاحقات قضائية، بينما تتعلق خمسة أخرى بتنفيذ أحكام بالسجن تصل إلى عشرين عامًا لكل منها. بالإضافة إلى ذلك، تشمل الطلبات غرامات مالية ومصادرة ممتلكاته، بتهم فساد ورشوة وتضارب مصالح واختلاس أموال عامة. يبدو أن بوشوارب في ورطة حقيقية.

الرقابة القضائية في فرنسا

عبد السلام بوشوارب، الذي يبلغ من العمر 72 عامًا، يعيش في منطقة الألب-ماريتيم في جنوب شرق فرنسا. منذ 5 أكتوبر 2023، وضع تحت الرقابة القضائية، حيث مُنع من مغادرة الأراضي الفرنسية ومُصادر جواز سفره. هذه الخطوة تعكس مدى خطورة الوضع الذي يواجهه.

على مدار الأشهر الماضية، طلب القضاء الفرنسي من السلطات الجزائرية تقديم معلومات إضافية حول الجوانب القانونية للقضية، وكذلك تعهدًا رسميًا بعدم تنفيذ عقوبة الإعدام في حال صدور حكم بها. هل ستنجح الجزائر في استعادة بوشوارب؟
هجران الحلقة 10

فضائح فساد لا تنتهي

ولا يخفى على أحد أن الفضيحة المالية تطارد بوشوارب، فقد كشفت صحيفة لوتون السويسرية سابقًا أن القضاء السويسري قد جمد حسابًا مصرفيًا له في جنيف، يحتوي على مبلغ قدره 1.7 مليون يورو، يُشتبه في كونه ناتجًا عن فساد. وقد حددت السلطات الجزائرية 27 تحويلًا ماليًا بين عامي 2012 و2016 بقيمة إجمالية تصل إلى 31 مليون دولار، قد تكون مرتبطة بعقود مشبوهة.

علاوة على ذلك، قام بوشوارب بإنشاء شركة "أوفشور" في بنما عام 2015، مما أتاح له فتح حساب في سويسرا لنقل 700 ألف يورو من لوكسمبورغ إليه. يبدو أن قصة الفساد هذه لن تنتهي قريبًا.