-

مراجعة سياسة دعم الغاز الطبيعي في الجزائر

(اخر تعديل 2024-11-12 16:19:32 )

في خطوة تاريخية وغير مسبوقة، أعلنت وزارة الطاقة والمناجم في الجزائر عن مراجعة شاملة لسياسة دعم استهلاك الغاز الطبيعي. حيث قررت الوزارة فتح المجال لتحديد أسعار جديدة قابلة للتفاوض، مما يغير من نهج الدعم التقليدي الذي اعتمدته الحكومة لفترة طويلة.
زهور الدم الحلقة 214

تأتي هذه المبادرة كجزء من استراتيجية تتوازن بين السياسة الاجتماعية التي تركز على حماية القدرة الشرائية للفئات ذات الدخل المحدود، وبين الحاجة الملحة لتحسين إدارة موارد الطاقة في البلاد. إذ يتضح أن الحكومة تسعى لتحقيق توازن بين دعم المستهلكين وتعزيز الكفاءة الاقتصادية.

وفي العدد الأخير من الجريدة الرسمية، تم الإعلان عن قرار جديد يحدد عتبات للاستهلاك المحلي للغاز، ومن المقرر أن يبدأ سريان هذه العتبات في عام 2025.

من التوحيد إلى التفاوض

يشير القرار الوزاري إلى تحول كبير في سياسة تسعير الغاز الطبيعي، حيث لن يكون السعر موحداً لجميع المستهلكين كما كان في السابق، بل سيصبح مرتبطاً بحجم الاستهلاك. ورغم عدم تحديد الفئات المستهدفة بشكل واضح، فإن الأرقام تشير إلى أن غالبية المعنيين سيكونون من المؤسسات الصناعية الكبرى، وليس من المستهلكين العاديين.

ثلاث عتبات للاستهلاك

حدد القرار ثلاث عتبات للاستهلاك، سيتم تنفيذها بشكل تدريجي كالتالي:

عتبة 2025-2026

سوف يُسمح بالتفاوض على السعر إذا تجاوز استهلاك الزبون 200 مليون متر مكعب سنوياً.

عتبة 2027-2028

سيتم تخفيض مستوى الاستهلاك إلى 100 مليون متر مكعب سنوياً كحد للتفاوض.

عتبة 2029

ستقلّص العتبة لتصل إلى 40 مليون متر مكعب سنوياً، مما يفتح المجال لقاعدة أوسع من المستهلكين للدخول في عملية التفاوض على الأسعار.

تهدف هذه الخطوة إلى تعزيز التنافسية في القطاع الصناعي، مما سيسمح للشركات بالتفاوض المباشر مع المزودين، وقد يجذب هذا التغيير استثمارات أجنبية من خلال توفير بيئة سوقية أكثر مرونة وشفافية.

ما الذي يعنيه هذا للمواطنين؟

على الرغم من هذا التغيير الجذري، تؤكد السلطات الجزائرية حرصها على حماية القدرة الشرائية للمواطنين. حيث لن يشمل هذا الإجراء الأسر والشركات الصغيرة، إذ تشير الإحصائيات إلى أن متوسط استهلاك الأسرة للغاز يبلغ 13 ألف متر مكعب سنوياً، وقد يتضاعف في المناطق ذات الطقس البارد، لكنه لن يصل إلى العتبة الأدنى المحددة بـ40 مليون متر مكعب.

الهدف من هذه السياسة هو تحفيز الكفاءة في استهلاك الطاقة في القطاع الصناعي وجذب الاستثمارات الأجنبية. يمثل هذا القرار تحولاً تدريجياً في استراتيجية الحكومة لدعم الطاقة، ومن المتوقع أن يسهم في ضبط الاستهلاك المحلي وترشيد موارد الغاز، بينما يستمر الدعم للفئات الأكثر احتياجاً في المجتمع.