كرم العطاء: سمة الإسلام الأسمى
الكرم: جوهر القيم الإسلامية
يُعتبر الكرم من أبرز الصفات التي يُشجع عليها الإسلام، حيث يُعبر عن السخاء والجود الذي لا يُقابل بتوقع أي شيء في المقابل. إنه ليس مجرد تصرف، بل هو أسلوب حياة يُعزز من ترابط المجتمع ويزيد من روح المحبة والألفة بين أفراده. فالكرم يساهم في بناء مجتمع متماسك، يُحارب الفقر ويُخفف من وطأة الجريمة والفساد.
لقد كان الكرم من سمات النبي محمد صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام، الذين كانوا يتنافسون في فعل الخير ويُسارعون إلى مساعدة المحتاجين.
أحاديث تبرز قيمة الكرم
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا حَسَدَ إلَّا في اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ آتاهُ اللَّهُ القُرْآنَ فَهو يَتْلُوهُ آناءَ اللَّيْلِ وآناءَ النَّهارِ، ورَجُلٌ آتاهُ اللَّهُ مالًا فَهو يُنْفِقُهُ آناءَ اللَّيْلِ وآناءَ النَّهارِ).
وورد عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه أنه قال: (أنَّ رَجُلًا سَأَلَ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أيُّ الإسْلَامِ خَيْرٌ؟ قالَ: تُطْعِمُ الطَّعَامَ، وتَقْرَأُ السَّلَامَ علَى مَن عَرَفْتَ ومَن لَمْ تَعْرِفْ).
كما قال صلى الله عليه وسلم: (يا ابْنَ آدَمَ إنَّكَ أنْ تَبْذُلَ الفَضْلَ خَيْرٌ لَكَ، وأَنْ تُمْسِكَهُ شَرٌّ لَكَ، ولا تُلامُ علَى كَفافٍ، وابْدَأْ بمَن تَعُولُ، والْيَدُ العُلْيا خَيْرٌ مِنَ اليَدِ السُّفْلَى).
وفي حديث آخر قال: (ما نَقَصَتْ صَدَقةٌ مِن مالٍ، وما زادَ اللَّهُ عَبْدًا بعَفْوٍ إلَّا عِزًّا، وما تَواضَعَ أحَدٌ للَّهِ إلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ).
ويدل حديث النبي صلى الله عليه وسلم على أهمية العطاء حيث قال: (ما مِن يَومٍ يُصْبِحُ العِبادُ فِيهِ، إلَّا مَلَكانِ يَنْزِلانِ، فيَقولُ أحَدُهُما: اللَّهُمَّ أعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا، ويقولُ الآخَرُ: اللَّهُمَّ أعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا).
كما قال الله سبحانه وتعالى: (يا ابْنَ آدَمَ أنْفِقْ أُنْفِقْ عَلَيْكَ).
كرم النبي محمد صلى الله عليه وسلم
عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه قال: (كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أجْوَدَ النَّاسِ، وكانَ أجْوَدُ ما يَكونُ في رَمَضانَ حِينَ يَلْقاهُ جِبْرِيلُ). كان يُدارس جبريل القرآن في كل ليلة من رمضان، وكان كرم النبي يُشبه الريح المرسلة.
كما نقل عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه: (ما سُئِلَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ شيئًا قَطُّ، فَقالَ: لَا).
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: (ما سُئِلَ رَسول اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- علَى الإسْلَامِ شيئًا إلَّا أَعْطَاهُ)، وذكر أنه أعطى رجلًا غنمًا بين جبلين، فقال ذلك الرجل لقومه: (يا قَوْمِ أَسْلِمُوا، فإنَّ مُحَمَّدًا يُعْطِي عَطَاءً لا يَخْشَى الفَاقَةَ).
وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: (ذَبَحُوا شاةً فقالَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ما بَقِيَ منها؟ قلْتُ: ما بَقِيَ منها إلَّا كَتِفُها. قال: بَقِيَ كلُّها غيرُ كَتِفِها).
إن الكرم ليس مجرد فعل بل هو فلسفة حياة، تعكس روح العطاء والتضحية، وتجعل من الفرد عنصرًا فعّالًا في مجتمعه. فلنتعلم من رسول الله صلى الله عليه وسلم ونُعزّز هذه القيمة النبيلة في حياتنا اليومية.
الطائر الرفراف الحلقة 76