تُعد آية التعدد من الآيات الهامة التي تتناول موضوع الزواج في الإسلام، وقد وردت في سورة النساء في آيتين تتعلقان مباشرة بهذا الشأن. الآية الأولى تتحدث عن إمكانية الزواج من أكثر من امرأة، بينما الثانية تُوضح التحديات المرتبطة بعدم القدرة على تحقيق العدل بين النساء.
(وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا) [النساء:3]
تتحدث هذه الآية عن السماح بالزواج بأكثر من امرأة، لكن بشرط أساسي وهو العدل. في حال الخوف من عدم القدرة على تحقيق هذا العدل، يُفضل الاكتفاء بواحدة فقط.
(وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً) [النساء:129]
في هذه الآية، يُشدد على الصعوبة التي يواجهها الرجال في تحقيق العدل التام بين النساء. حتى مع أفضل النوايا، فإن الميل القلبي والشهوة قد يؤثران على هذا العدل.
لا يوجد تعارض بين الآيتين، حيث يمكن فهمهما بشكل متكامل. يُشير المفسرون، مثل الإمام ابن كثير، إلى أن الآية الثانية تُبين أن العدل الكامل بين النساء في كل شيء، مثل الميل القلبي، قد يكون مستحيلاً. وقد أشار العديد من المفسرين إلى أن هذه الآية نزلت في سياق حب النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة، مما يعكس الطبيعة الإنسانية للمشاعر.
ففي الحديث، كان النبي صلى الله عليه وسلم يُقسم بين زوجاته بعدل، ولكنه كان يُعبر عن مشاعره بوضوح، حيث قال: “اللهم هذا قسمي فيما أملك، فلا تلمني فيما تملك ولا أملك”. وهذا يعني أن العدل المطلوب هو في الأمور المادية، مثل المبيت والنفقة، وليس في المشاعر القلبية.
من خلال فهم هذه الآيات، نستطيع أن نرى أن الإسلام يُشجع على التعدد ولكنه يُشدد على ضرورة العدل. إذا كان الرجل يخشى من عدم القدرة على تحقيق العدل، فيجب عليه الاكتفاء بزوجة واحدة، أو ما ملكت يمينه. الميل القلبي، رغم أنه لا يمكن التحكم فيه، لا يمنع من إمكانية التعدد في الزواج، وهذا ما تُشير إليه الآية الثانية.
اسمه السعادة الحلقة 35