أزمة السجناء السياسيين في كورسيكا
أزمة السجناء السياسيين في كورسيكا
في أكتوبر 2022، تجمع حوالي مئة شخص أمام مركز سجن "بورغو" في جزيرة كورسيكا، في مظاهرة تطالب الحكومة الفرنسية، وعلى رأسها الرئيس إيمانويل ماكرون، بالإفراج عن "السجناء السياسيين" ومناقشة مصيرهم. هؤلاء السجناء ينتمون إلى الأحزاب المؤيدة لاستقلال الجزيرة عن فرنسا، وهو مطلب يبقى مرفوضًا تمامًا من قبل ماكرون والسلطة الفرنسية عبر السنوات وعبر مختلف الرؤساء.
تحديات الحكومة الفرنسية
قدمت وزارة الداخلية الفرنسية مذكرة بعنوان "النزاع الكورسيكي.. حالة التهديد المُحدثة"، التي اعتبرتها جمعيات الدفاع عن السجناء محاولة من الحكومة لتجعل من بعض السجناء "كبش فداء" بدلاً من تقديم مبررات حقيقية لاحتجازهم. ومع اختلاف التعريفات والمفاهيم بين الجمعيات وسكان كورسيكا من جهة والسلطة الفرنسية من جهة أخرى، يبدو أن ماكرون لا يتعامل بنفس المفاهيم التي أطلقها مؤخراً عندما يتعلق الأمر بهذه الجزيرة.
رفض اللغة الكورسيكية
في 7 فبراير 2008، أكد ماكرون رفضه المطلق لاعتماد اللغة الكورسيكية كلغة رسمية في الجزيرة، وهي اللغة التي ترتبط بالتوسكانية وتنتمي إلى مجموعة اللغات الإيطالية الرومنسية. وقد أثار هذا الخطاب غضب القوميين في الجزيرة، حيث اعتبروا أن ما أعلنه ماكرون يعكس إحباطًا عميقًا، وكان يجب أن يُعترف بقضية كورسيكا كقضية سياسية وتاريخية واجتماعية واقتصادية وثقافية.
موقف ماكرون من السجناء
قبل يوم من خطابه، رفض ماكرون بشكل قاطع العفو عن المساجين كما يطالب القوميون، خاصة أولئك المتهمين باغتيال المحافظ كلود إيرينياك. وأكد على ضرورة بقاء كورسيكا دائمًا داخل "الحضن الجمهوري"، مما يقضي على مطلب القوميين بالاعتراف بخصوصية الجزيرة وإدراج ذلك في الدستور الفرنسي.
ازدواجية المعايير
بينما كان ماكرون صارمًا حيال كورسيكا ومطالب القوميين، حاول التدخل في الشأن الجزائري، مطالبًا بإطلاق سراح الكاتب الفرانكو-جزائري بوعلام صنصال، الذي اعتبره "سجين رأي". إلا أن صنصال أدلى بتصريحات خطيرة في عدة مناسبات، مما يجعله موضع جدل كبير.
الوعود الانتخابية
قبل ثلاث سنوات، اشتعل الوضع السياسي في فرنسا قبل انتخابات ماكرون الثانية، حيث كانت هناك وعود بمنح الحكم الذاتي للجزيرة، مما أثار ضجة كبيرة على وسائل التواصل الاجتماعي واتهامات للرئيس بالتساهل مع كورسيكا لكسب أصوات القوميين.
الهوية الثقافية
مصطلح "شعب كورسيكا" يحمل دلالات سياسية واضحة تعكس الرغبة في الاستقلال، وهو مصطلح مكروه من قبل ماكرون والسلطة الفرنسية، لكنه لا يزال مستخدمًا على نطاق واسع في الجزيرة. قبل أسابيع، ذكر الكاردينال فرونسوا بوستيلو في حديثه مع "البابا فرانسيس" عبارة: "شعبي حي، شعب كورسيكا".
تاريخ كورسيكا
خضعت كورسيكا لحكم جمهورية جنوة بين 1284 و1755، قبل أن تندمج في فرنسا عام 1769 بعد معركة "بوني نوفو"، وهي نفس السنة التي وُلد فيها نابليون بونابرت. ومنذ عام 1859، استبدلت اللغة الإيطالية باللغة الفرنسية، إلا أن الإيطالية لا تزال مستخدمة في بعض المجالات في الجزيرة.
الاستقلال في الرياضة
بينما أصبحت اللغة الفرنسية الأكثر استخدامًا، لا تزال اللغة الكورسيكية تحظى بشعبية بين جماهير كرة القدم، التي تدعم فكرة الاستقلال. شهد نهائي 2002 بين لوريون وباستيا تظاهرات جماهيرية من جمهور باستيا، حيث صفقوا للنشيد الفرنسي "La Marseillaise"، مما أثار غضب الرئيس جاك شيراك الذي غادر المنصة الشرفية دون تحية اللاعبين.
ليلى الحلقة 17