تغير المناخ وتأثيراته على الاقتصاد العالمي
تغير المناخ وتأثيراته على الاقتصاد العالمي
أكد الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، سيمون ستيل، أن "لا توجد دول محصنة" من الآثار السلبية لتغير المناخ. وقد حذر من أن جميع الدول ستتحمل تكاليف باهظة إذا لم تستطع ثلثا دول العالم على الأقل خفض انبعاثاتها بشكل سريع وفعّال.
وأشار ستيل إلى أن الاقتصاد العالمي قد يواجه انهيارًا إذا لم تتمكن الدول من تعزيز سلاسل التوريد الخاصة بها، محذرًا من أن التداعيات ستكون وخيمة على الجميع.
جاءت هذه التصريحات خلال كلمته في مؤتمر الأمم المتحدة الـ29 لأطراف الاتفاقية (كوب 29)، الذي انطلق في العاصمة الأذربيجانية باكو، ويستمر حتى 22 نوفمبر الجاري.
دعا ستيل في كلمته إلى ضرورة تحديد هدف جديد للتمويل المناخي، مشددًا على أن هذا الأمر يعود بالنفع على جميع الدول، بما في ذلك الدول الغنية.
وأكد أن تغير المناخ يؤثر على الجميع، مطالبًا بتجاوز فكرة أن التمويل المناخي هو مجرد صدقة. إذ يجب أن نعتبره استثمارًا في المستقبل.
أبدى ستيل إحباطه من عدم تحقيق مؤتمر الأطراف للتحول الكامل المطلوب لكل دولة، لكنه أشار إلى أهمية التوصل إلى اتفاقيات تساهم في حل هذه المعضلة.
حب بلا حدود مترجم الحلقة 41
وحذر من أن العالم لا يمكنه الاستمرار في تقويض الحياة وسبل العيش، متسائلًا: "هل نريد أن ترتفع فواتير الطاقة والطعام، وأن تصبح بلداننا غير قادرة على المنافسة اقتصادياً؟" إذا كانت الإجابة "لا"، فإن إبرام اتفاق جديد حول التمويل المناخي أصبح ضرورة ملحة.
كما أوضح ستيل أنه يجب تطبيق إصلاحات قوية في النظام المالي العالمي، وهو ما يُعتبر أمرًا حيويًا للتعامل مع تأثيرات تغير المناخ بشكل فعال.
هل الجزائر محصنة من آثار تغير المناخ؟
في هذا السياق، تعرضت الجزائر لآثار تغير المناخ التي تسببت في كوارث بيئية مؤلمة في السنوات الأخيرة.
في عامي 2023 و2024، شهدت الجزائر سلسلة من الكوارث الطبيعية، مثل الفيضانات التي اجتاحت ولاية تيبازة، حيث جرفت السيول جثثًا وهياكل عظمية من المقابر.
كما شهدت مناطق أخرى في الجزائر سيولاً أدت إلى إغلاق العديد من الطرقات وانقطاع الكهرباء، مما خلف العديد من الضحايا والمشكلات في غربي العاصمة الجزائرية.
إثر ذلك، أعلنت ولاية تيبازة عن تخصيص إعانات مالية لـ 673 عائلة تضررت منازلهم جراء الفيضانات، بالإضافة إلى تخصيص مبلغ 10 مليار دينار جزائري لتعويض الخسائر ومساعدة المواطنين المتضررين.
وفي عام 2024، تعرضت ولاية بشار أيضًا لفيضانات أدت إلى دمار واسع في البنية التحتية وخسائر مادية جسيمة.
هذه الكوارث الطبيعية تمثل تحديًا كبيرًا للحكومة الجزائرية، التي تسعى جاهدة لتقديم المساعدات وإعادة تأهيل المناطق المتضررة في أسرع وقت ممكن.
وقد دعا ستيل إلى وضع هدف سنوي جديد للتمويل المناخي ليحل محل التعهد السابق البالغ 100 مليار دولار، والذي تم تحديده في عام 2009، والذي ينتهي هذا العام.
كما أكد على أهمية اعتماد آلية أسواق تداول الكربون، التي يمكن أن تساعد الحكومات في تخفيف الانبعاثات الغازية.
حقائق مفزعة
أشارت إنغر أندرسن، المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، إلى أن تغير المناخ يؤثر بشكل خاص على المجتمعات الأكثر فقرًا وضعفًا. حيث تدمر العواصف الشديدة المنازل، وتؤدي حرائق الغابات إلى تدمير الغابات، في حين أن تدهور الأراضي والجفاف يدمران المناظر الطبيعية.
وأضافت: "الناس وسبل عيشهم والطبيعة التي يعتمدون عليها مهددون بشكل حقيقي من عواقب تغير المناخ. ومن دون اتخاذ إجراء الآن، سيكون ذلك مجرد لمحة لما قد يحمله المستقبل، ولا يوجد أي عذر للعالم لعدم التعامل مع ذلك بجدية الآن".
وأكد تقرير "فجوة التكيف لعام 2024" أن التأخير في اتخاذ الإجراءات اللازمة قد يؤدي إلى تجاوز العالم لدرجة حرارة 1.5 مئوية، وقد تصل الزيادة إلى مستويات كارثية تتراوح بين 2.6 و3.1 درجة مئوية.
وفقًا لتقرير المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، فإن الأعوام 2015-2024 تشهد تسارعًا في فقدان الأنهار الجليدية وارتفاع مستويات سطح البحر، مما يؤثر بشكل مباشر على دول العالم بما في ذلك الجزائر.
حذرت المنظمة في تقريرها السنوي من أن تغير المناخ يتسارع بوتيرة مقلقة، مما يزيد من آثار الطقس القاسي على المجتمعات والاقتصادات.
في الختام، أكد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أن كارثة المناخ تؤثر على الصحة وتزيد من أوجه عدم المساواة وتعرقل التنمية المستدامة، مشيرًا إلى أن الفئات المستضعفة هي الأكثر تضرراً.
كما دعا ستيل إلى تحسين مؤشرات التكيف المناخي ومحاسبة الدول على تقدمها في هذا المجال.
من المهم الإشارة إلى أن الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ ينحدر من دولة غرينادا، التي تعرضت جزيرتها كارياكو للتدمير تقريبًا بسبب إعصار بيريل الشهر الماضي.
ستركز الدورة الـ29 للمؤتمر على التمويل، حيث هناك حاجة ماسة إلى تريليونات الدولارات لكي تتمكن البلدان من خفض انبعاثات الغازات الدفيئة بشكل كبير وحماية الأرواح وسبل العيش من آثار تغير المناخ المتفاقمة.
سيكون المؤتمر أيضًا لحظة مهمة للدول لتقديم خطط عملها الوطنية المحدثة بشأن المناخ بموجب اتفاق باريس، والتي من المقرر أن تكون بحلول أوائل عام 2025. إذا تم تنفيذ هذه الخطط بشكل صحيح، فإنها ستساعد في منع ارتفاع درجة الحرارة العالمية عن 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة، وستعزز أهداف التنمية المستدامة.