-

موقف الجزائر من التطبيع مع إسرائيل

(اخر تعديل 2025-02-03 12:38:34 )

أثار الحوار الذي أجراه الرئيس عبد المجيد تبون مع صحيفة لوبينيون الفرنسية حول استعداد الجزائر لتطبيع علاقاتها مع "إسرائيل" بشرط قيام دولة فلسطينية مستقلة جدلاً واسعًا وتأويلات مغلوطة، وصلت إلى حد اتهام الجزائر بـ"خيانة القضية الفلسطينية". لكن، ما الذي قصده الرئيس تبون بالفعل؟ وما هي حقيقة الموقف الجزائري الثابت من القضية الفلسطينية؟

حقيقة الموقف الجزائري

خلال الحوار، سُئل تبون عن إمكانية تطبيع العلاقات مع إسرائيل إذا أدى استئناف عملية السلام إلى إنشاء دولة فلسطينية، فأجاب: "بطبيعة الحال، في اليوم نفسه الذي ستكون فيه دولة فلسطينية".

لقد أكد الرئيس الجزائري أن هذا الأمر "متسق تمامًا مع مجرى التاريخ"، مشيرًا إلى أسلافه من الرؤساء الذين أوضحوا عدم وجود مشكلة مع إسرائيل. وبالتالي، لم يتغير موقف الجزائر الثابت تجاه فلسطين، حيث تظل القضية الفلسطينية هي المحور الأساسي، والشرط الأساسي لأي حديث عن التطبيع هو قيام دولة فلسطينية مستقلة وفق حدود عام 1967.

هذا الشرط يتماشى تمامًا مع مبادرة السلام العربية التي أطلقتها السعودية في عام 2002، والتي تحظى بدعم الجزائر الكامل.

تجدر الإشارة إلى أن "إسرائيل" ترفض حتى الآن الاعتراف بحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة، وتستمر في التوسع الاستيطاني، مما يعد عقبة أساسية أمام أي حل سياسي.

ما هي مبادرة السلام العربية؟

مبادرة السلام العربية هي فكرة أُطلقت في مارس 2002 من قِبل الملك السعودي الراحل عبد الله بن عبد العزيز خلال "قمة بيروت". تقوم المبادرة على إقامة دولة فلسطينية مستقلة، مع ضمان عودة اللاجئين الفلسطينيين، والانسحاب الإسرائيلي من هضبة الجولان، وجميع الأراضي العربية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية، وفقًا لحدود الرابع من يونيو 1967، مقابل تحقيق سلام شامل مع "إسرائيل".

بموجب هذه المبادرة، أكد القادة العرب التزامهم بعدم إقامة أي علاقات مع الاحتلال الإسرائيلي، وتفعيل مقاطعة "إسرائيل" بشكل كامل حتى تستجيب لقرارات الشرعية الدولية، بما في ذلك قرارات مؤتمر مدريد للسلام.

لكن، الإمارات العربية المتحدة والمغرب والبحرين والسودان طبعوا علاقاتهم مع الكيان الصهيوني في نهاية عام 2020، متجاهلين اتفاقية مبادرة السلام العربية، لينضموا بذلك إلى مصر والأردن اللتين طبعتا علاقاتهما سابقًا.

حدود 1967

حدود 1967 تشير إلى الحدود التي كانت قائمة بين "إسرائيل" والدول العربية قبل حرب 1967، والتي تُعرف أيضًا بـ"حرب الستة أيام". تشمل هذه الحدود الضفة الغربية، التي كانت تحت السيطرة الأردنية منذ عام 1948، والقدس الشرقية، وقطاع غزة الذي كان تحت السيطرة المصرية، والجولان السوري، بالإضافة إلى جنوب لبنان.

في يونيو من نفس العام، خاضت ثلاث دول عربية هي سوريا ومصر والأردن حربًا ضد "إسرائيل"، واستمرت الحرب لمدة ستة أيام، مما أدى إلى احتلال بقية الأراضي الفلسطينية، بما في ذلك القدس والضفة الغربية وقطاع غزة، إضافة إلى الجولان السوري وسيناء المصرية.

مواقف الجزائر تاريخية

إن مواقف الجزائر الثابتة تجاه القضية الفلسطينية ليست وليدة اللحظة، بل هي نتيجة تاريخ طويل من الدعم المتواصل. فقد كان الرئيس الراحل هواري بومدين من أبرز المدافعين عن القضية الفلسطينية، حيث اعترفت الجزائر في عهده بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني.

استمر هذا الدعم خلال فترة الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد، حيث كانت الجزائر تتفاعل بقوة في مختلف المؤتمرات العربية والدولية التي تدعم القضية الفلسطينية. كما استمر هذا الموقف في عهد الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة، حيث قدمت الجزائر مساعدات إنسانية للشعب الفلسطيني ودعت إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي.
بهار مترجم الحلقة 33

وحتى اليوم، لا تزال الجزائر ثابتة على موقفها في عهد الرئيس عبد المجيد تبون، داعية إلى ضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي واحترام قرارات الأمم المتحدة، وتؤكد على دعمها لحل الدولتين. إن دعم الجزائر ليس مجرد كلام دبلوماسي، بل يتجسد في مواقف رسمية ومساعدات إنسانية وضغط سياسي في المحافل الدولية.